للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً

قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها..؟ قال: يا ابن أخي! لا أغيّر شيئا «١» منه من مكانه.

وأخرج أبو داود «٢» والنسائي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: نسخت بآية الميراث بما فرض الله لهن من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا.

هذا، وقد ذهب مجاهد إلى أنّ هذه الآية محكمة كالأولى. أخرجه عنه البخاريّ «٣» قال مجاهد: دلت الآية الأولى وهي: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً على أنّ هذه عدتها المفروضة تعتدّها عند أهل زوجها. ودلت هذه الآية، بزيادة سبعة أشهر وعشرين ليلة على العدّة السابقة تمام الحول، أنّ ذلك من باب الوصية بالزوجات أن يمكّنّ من السكنى في بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولا كاملا، ولا يمنعن من ذلك، لقوله غَيْرَ إِخْراجٍ فإذا انقضت عدّتهن بالأربعة أشهر والعشر- أو بوضع الحمل- واخترن الخروج والانتقال من ذلك المنزل، فإنهنّ لا يمنعن من ذلك لقوله فَإِنْ خَرَجْنَ ... إلخ. قال الإمام ابن كثير: وهذا القول له اتجاه، وفي اللفظ مساعدة له وقد اختاره جماعة منهم الإمام أبو العباس ابن تيمية.

ومنهم أبو مسلم الأصفهانيّ قال: معنى الآية: من يتوفى منكم ويذرون أزواجا، وقد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة الحول وسكنى الحول، فإن خرجن قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد أن يقمن المدة التي ضربها الله تعالى لهنّ فلا حرج فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ، أي: نكاح صحيح. لأن إقامتهنّ بهذه الوصية غير لازمة. قال: والسبب أنهم كانوا في زمان الجاهلية يوصون بالنفقة والسكنى حولا كاملا. وكان يجب على المرأة الاعتداد بالحول. فبيّن الله تعالى في هذه الآية أنّ ذلك غير واجب. واحتجّ على قوله بوجوه ساقها الفخر الرازيّ عنه- إلى أن قال: فكان المصير إلى قول مجاهد أولى من التزام النسخ من غير دليل. ثم قال: وإذا عرفت هذا فنقول: هذه الآية من أوّلها إلى آخرها تكون جملة واحدة شرطية فالشرط هو قوله:


(١) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ٤١- وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ.
(٢) أخرجه أبو داود في: الطلاق، ٤٢- باب نسخ متاع المتوفّى عنها بما فرض لها من الميراث، حديث ٢٢٩٨.
(٣) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ٤١- باب وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>