عتابه لأحبابه ألطف عتاب. وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم، وغافر زلّاتهم، ومقيم أعذارهم، ومصلح فسادهم، والدافع عنهم، والحامي عنهم، والناصر لهم، والكفيل بمصالحهم والمنجي لهم من كل كرب، والموفي لهم بوعده. وأنه وليّهم الذي لا وليّ لهم سواه، فهو مولاهم الحقّ، وينصرهم على عدوّهم، فنعم المولى ونعم النصير.
وإذا شهدت القلوب من القرآن ملكا عظيما جوادا رحيما جميلا هذا شأنه، فكيف لا تحبه، وتنافس في القرب منه، وتنفق أنفاسها في التودّد إليه، ويكون أحبّ إليها من كل ما سواه، ورضاه آثر عندها من رضى كلّ من سواه؟ وكيف لا تلهج بذكره، وتصيّر حبّه والشوق إليه والأنس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها، بحيث إن فقدت ذلك فسدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها؟
اللهمّ اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حزننا. وأعنّا على إكمال ما قصدناه بفضلك. يا أرحم الراحمين.