فتأويل الأحاديث التي هي رؤيا المنام هي نفس مدلولها التي تؤول إليه، كما قال يوسف: هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ [يوسف: ١٠٠] . والعالم بتأويلها الذي يخبر به، كما قال يوسف: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ. أي في المنام. إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما. أي قبل أن يأتيكما التأويل. وقال الله تعالى:
فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: ٥٩] . قالوا: أحسن عاقبة ومصيرا، فالتأويل هنا تأويل فعلهم الذي هو الرد إلى الكتاب والسنة، والتأويل في سورة يوسف تأويل أحاديث الرؤيا، والتأويل في الأعراف ويونس تأويل القرآن، وكذلك في سورة آل عمران. وقال تعالى في قصة موسى والعالم: قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً [الكهف: ٧٨] . إلى قوله: وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي، ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً [الكهف: ٨٢] . فالتأويل هنا تأويل الأفعال التي فعلها العالم من خرق السفينة بغير إذن صاحبها. ومن قتل الغلام، ومن إقامة الجدار. فهو تأويل عمل، لا تأويل قول، وإنما كان كذلك لأن التأويل مصدر أوّله يؤوله تأويلا، مثل حوّل تحويلا، وعول تعويلا. و (أوّل يؤوّل) تعدية (آل يؤول أولا) ، مثل حال يحول حولا وقولهم (آل يؤول) أي عاد إلى كذا ورجع إليه، ومنه المآل، وهو ما يؤول إليه الشيء. ويشاركه في الاشتقاق الموئل، فإنه وأل، وهذا من أول، والموئل المرجع، قال تعالى: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا. ومما يوافقه في اشتقاقه الأصغر الآل، فإن آل الشخص من يؤول إليه، ولهذا لا يستعمل إلا في عظيم، بحيث يكون المضاف إليه يصلح أن يؤول إليه الآل. كآل إبراهيم وآل لوط وآل فرعون. بخلاف الأهل. والأول أفعل، لأنهم قالوا في تأنيثه أولى، كما قالوا جمادى الأولى، وفي القصص: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ. ومن الناس من يقول فوعل ويقول (أوّله) إلا أن هذا يحتاج إلى شاهد من كلام العرب، بل عدم صرفه يدل على أنه أفعل لا فوعل. فإن فوعل مثل كوثر وجوهر مصروف. سمي المتقدم أول- والله أعلم- لأن ما بعده يؤول إليه ويبنى عليه، فهو أس لما بعده وقاعدة له. والصيغة