للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبكم، فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم. فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم! قد رأينا أن لا نلاعنك، وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، فلم يلاعنهم صلّى الله عليه وسلم، وأقرهم على خراج يؤدونه إليه.

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه عن الشعبيّ عن جابر قال: قدم على النبيّ صلّى الله عليه وسلم العاقب والطيّب فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة، قال: فغدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخذ بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج، قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق، لو قالا: لا، لأمطر عليهم الوادي نارا. قال جابر: وفيهم نزلت: نَدْعُ أَبْناءَنا ...

الآية- قال جابر: أنفسنا وأنفسكم: رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعليّ بن أبي طالب، وأبناؤنا: الحسن والحسين، ونساؤنا: فاطمة، وهكذا- رواه الحاكم في مستدركه بمعناه، ثم قال:

صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. هكذا قال.

وقد رواه أبو داود الطيالسيّ عن شعبة عن المغيرة عن الشعبيّ مرسلا، وهذا أصح.

وقد روي عن ابن عباس والبراء نحو ذلك.

وروى البخاريّ «١» عن حذيفة رضي الله عنه قال: جاء العاقب والسيد، صاحبا نجران إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فو الله لئن كان نبيّا فلاعنا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلّا أمينا. فقال: لأبعثن معكم رجلا أمينا، حق أمين. فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح. فلما قام قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هذا أمين هذه الأمة. ورواه مسلم والنسائيّ

أيضا وغيرهم.

وروى الإمام أحمد «٢» عن ابن عباس قال: قال أبو جهل- قبحه الله-: إن رأيت محمدا يصلّي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على رقبته، قال: فقال: لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلّى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا.


(١) أخرجه البخاريّ في: المغازي، ٧٢- باب قصة أهل نجران.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، حديث ٢٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>