[البقرة: ١٨٩] . الآية، من تمام مسألة الأهلة. وإن انجرّ معه شيء آخر. كما انجرّ على القولين معا تذكير وتقديم لأحكام الحج في قوله: قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ.
وقوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: ١] . نازلة في قضية واحدة.
وسورة اقرأ نازلة في قضيتين: الأولى إلى قوله: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ [العلق: ٥] والأخرى ما بقي إلى آخر السورة.
وسورة المؤمنين نازلة في قضية واحدة وإن اشتملت على معان كثيرة فإنها من المكيات.
وغلب المكيّ أنه مقرر لثلاثة معان. أصلها معنى واحد. وهو الدعاء إلى عبادة الله تعالى:
أحدها: تقرير الوحدانية لله الواحد الحق. غير أنه يأتي على وجوه. كنفي الشريك بإطلاق. أو نفيه، بقيد ما ادعاه الكفار في وقائع مختلفة من كونه مقرّبا إلى الله زلفى، أو كونه ولدا أو غير ذلك من أنواع الدعاوى الفاسدة.
والثاني: تقرير النبوة للنبيّ محمد وأنه رسول الله إليهم جميعا، صادق فيما جاء به من عند الله. إلا أنه وارد على وجوه أيضا: كإثبات كونه رسولا حقا، ونفي ما ادعوه عليه من أنه كاذب أو ساحر أو مجنون أو يعلّمه بشر، أو ما أشبه ذلك من كفرهم وعنادهم.
والثالث: إثبات أمر البعث والدار الآخرة، وإنه حق لا ريب فيه، بالأدلة الواضحة والرد على من أنكر ذلك بكل وجه يمكن الكافر إنكاره به. فرد بكل وجه يلزم الحجة ويبكت الخصم ويوضح الأمر.
فهذه المعاني الثلاثة هي التي اشتمل عليها المنزل من القرآن بمكة. في عامة الأمر. وما ظهر ببادي الرأي خروجه عنها، فراجع إليها في محصول الأمر. ويتبع ذلك الرغيب والترهيب والأمثال والقصص وذكر الجنة والنار ووصف يوم القيامة وأشباه ذلك.
فإذا تقرر هذا وعدنا إلى النظر في سورة المؤمنين مثلا، وجدنا فيها المعاني الثلاثة على أوضح الوجوه. إلا أنه غلب على نسقها ذكر إنكار الكفار للنبوءة التي هي المدخل للمعنيين الباقيين. وإنهم إنما أنكروا ذلك بوصف البشرية، ترفعا منهم أن يرسل إليهم من هو مثلهم أو ينال هذه الرتبة غيرهم، إن كانت. فجاءت السورة