للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا. رواه أحمد وابن ماجة والترمذيّ. وحكم أبو حاتم وأبو زرعة بأن المرسل أصح. وحكى الحاكم عن مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة. قال: فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة. وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقيّ بظاهر الحكم، وأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة وأهل خرسان وأهل اليمامة عنه. قال الحافظ: ولا يفيد ذلك شيئا. فإن هؤلاء كلهم، إنما سمعوا منه بالبصرة. وعلى تقدير أنهم سمعوا منه بغيرها، فحديثه الذي حدث به في غير بلده مضطرب. لأنه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة.

وأما إذا رحل فحدث من حفظه بأشياء وهم فيها. اتفق على ذلك أهل العلم. كابن المدينيّ والبخاريّ وابن أبي حاتم ويعقوب بن شيبة وغيرهم. وحكى الأثرم عن أحمد أن هذا الحديث ليس بصحيح. والعمل عليه. وأعله بتفرد معمر في وصله وتحديثه به في غير بلده. وقال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة. وقد أطال الدارقطني في (العلل) تخريج طرقه. ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهريّ مرسلا. ورواه عبد الرزاق عن معمر كذلك. وقد وافق معمرا على وصله بحر بن كنيز السقاء عن الزهريّ.

ولكنه ضعيف. وكذا وصله يحيى بن سلام عن مالك. ويحيى ضعيف. وفي الباب عن نوفل بن معاوية، عند الشافعي، أنه أسلم وتحته خمس نسوة.

فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: أمسك أربعا وفارق الأخرى

. وفي إسناده رجل مجهول. لأن الشافعيّ قال:

حدثنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد عن عبد المجيد بن سهل عن عوف بن الحارث عن نوفل بن معاوية قال: أسلمت، فذكره. وفي الباب أيضا عن عروة بن مسعود وصفوان بن أمية عند البيهقيّ. وقوله: اختر منهن أربعا، استدل به الجمهور على تحريم الزيادة على أربع. وذهبت الظاهرية إلى أنه يحل للرجل أن يتزوج تسعا. ولعل وجهه قوله تعالى: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ. ومجموع ذلك لا باعتبار ما فيه من العدل، تسع. وحكي ذلك عن ابن الصباغ والعمرانيّ وبعض الشيعة. وحكي أيضا عن القاسم بن إبراهيم. وأنكر الإمام يحيى الحكاية عنه. وحكاه صاحب البحر عن الظاهرية، وقوم مجاهيل. وأجابوا عن حديث قيس بن الحارث المذكور بما فيه من المقال المتقدم. وأجابوا عن حديث غيلان الثقفيّ بما تقدم فيه من المقال. وكذلك أجابوا عن حديث نوفل بن معاوية بما قدمنا من كونه في إسناده مجهول. قالوا:

ومثل هذا الأصل العظيم لا يكتفي فيه بمثل ذلك. ولا سيما وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين تسع أو إحدى عشرة، وقد قال تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>