[الأحزاب: ٢١] . وأما دعوى اختصاصه بالزيادة على الأربع فهو محل النزاع. ولم يقم عليه دليل. وأما قوله تعالى: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، فالواو فيه للجمع لا للتخيير. وأيضا لفظ مثنى معدول به عن اثنين اثنين. وهو يدل على تناول ما كان متصفا من الأعداد بصفته الاثنينية. وإن كان في غاية الكثرة البالغة إلى ما فوق الألوف. فإنك تقول جاءني القوم مثنى أي اثنين اثنين. وهكذا ثلاث ورباع.
وهذا معلوم في لغة العرب لا يشك فيه أحد. فالآية المذكورة تدل بأصل الوضع على أنه يجوز للإنسان أن يتزوج من النساء اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا.
وليس من شرط ذلك أن لا تأتي الطائفة الأخرى في العدد إلا بعد مفارقته للطائفة التي قبلها. فإنه لا شك أنه يصح، لغة وعرفا، أن يقول الرجل، لألف رجل عنده: جاءني هؤلاء اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة. فحينئذ الآية تدل على إباحة الزواج بعدد من النساء كثير. سواء كانت الواو للجمع أو للتخيير. لأن خطاب الجماعة بحكم من الأحكام بمنزلة الخطاب به لكل واحد منهم. فكأن الله سبحانه وتعالى قال، لكل فرد من الناس: انكح ما طاب لك من النساء مثنى وثلاث ورباع. ومع هذا فالبراءة الأصلية مستصحبة. وهي بمجردها كافية في الحل حتى يوجد ناقل صحيح ينقل عنها. وقد يجاب بأن مجموع الأحاديث المذكورة في الباب لا تقصر عن رتبة الحسن لغيره، فتنتهض بمجموعها للاحتجاج. وإن كان كل واحد لا يخلو عن مقال. ويؤيد ذلك كون الأصل في الفروج الحرمة. كما صرح به الخطابيّ. فلا يجوز الإقدام على شيء منها إلا بدليل. وأيضا هذا الخلاف مسبوق بالإجماع على عدم جواز الزيادة على الأربع. كما صرح بذلك في (البحر) .
وقال في (الفتح) اتفق العلماء على أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم الزيادة على أربع نسوة يجمع بينهن. وقد ذكر الحافظ في (الفتح) و (التلخيص) الحكمة في تكثير نسائه صلى الله عليه وسلم فليراجع ذلك. انتهى.
وقال قدس سره في تفسيره (فتح القدير) : وقد استدل بالآية على تحريم ما زاد على الأربع، وبينوا ذلك بأنه خطاب لجميع الأمة. وأن كل ناكح له أن يختار ما أراد من هذا العدد. كما يقال للجماعة: اقتسموا هذا المال. وهو ألف درهم (أو هذا المال الذي في البدرة) درهمين درهمين. وثلاثة ثلاثة. وأربعة أربعة. وهذا مسلم إذا كان المقسوم قد ذكرت جملته، أو عيّن مكانه. أما لو كان مطلقا، كما يقال:
اقتسموا الدراهم، ويراد بها ما كسبوه، فليس المعنى هكذا. والآية من الباب الآخر لا