أولادها في الغالب أوساطا أو منحطين. وإن كان أبوهم راقيا. فلا تحصل الفائدة المطلوبة من تعدد الزوجات وهي إصلاح النسل. بل يجب للحصول على هذا المطلب الأسنى أن يقترن النابغون بالنابغات. ليكون أولادهم مثلهم نبوغا أو أنبغ منهم. بحكم سنة الوراثة. وذلك إنما يتم إذا أحسن النابغون اختيار الأزواج.
فنكحوا ما طاب لهم. والنابغة لا يطيب له أن يقترن إلا بمن جمعت نبوغا مثل نبوغه، إلى حسن رائع. فإن معاشرة الحمقاء ليس مما يطيب للعاقل الراقي. وإن الخير يطلب عند حسان الوجوه. ولذلك قال تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ولم يقل وانكحوا من النساء. وفي قوله تعالى: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ إشارة إلى مراتب نبوغ الرجل، الثلاث. فكأنه أراد أن لا يتجاوز، الذي قلّ نبوغه، الاقتران باثنتين. وأن لا يتجاوز، الذي نبوغه متوسط، الاقتران بثلاث. وأن يحل، للذي نبوغه أعلى من الأولين، الاقتران بأربع.
وأما الخائفون أن لا يعدلوا فيجب أن لا يتجاوزوا الاقتران بواحدة. لأنهم أناس لن يستطيعوا، مع كل حرصهم، أن يعدلوا بين النساء. لقصور عقلهم في سياسة المنزل وعدم نبوغهم. وهناك إنسان نبوغه أكبر من كل نبوغ. هو محمد صلى الله عليه وسلم. الذي اختاره الله لوفور حكمته رسولا منه إلى البشر. قد أحل له أن يقترن بأكثر من أربع لقدرته على العدل بينهن.
وأظنك، بعد قراءة ما أوردت، تعترف، إن كنت من المنصفين، أن الإسلام جاء، قبل أكثر من ألف وثلاثمائة عام، بسنّة للزواج، عليها وحدها يتوقف إصلاح نسل البشر، الذي أخذ في هذا القرن أفراد من فلاسفة الغرب يحضّون عليه. تلك السنة هي تعدد الزوجات بعد أن كان الرأي العام في الغرب يعيبه عليها. هذا هو الإسلام يقرر أكبر قاعدة للترقي. وهو إباحة تعدد الزوجات، اللاتي يطبن لوفور جمالهن وعقلهن، لأفراد نابغين من المسلمين. لا يخافون لوفور عقلهم أن لا يعدلوا بينهن. ولكن المسلمين لم يأتمروا بأمر الله. فأباحوا هذا التعدد لكل أحد من المسلمين. للخائفين أن لا يعدلوا. ولغير الخائفين. ففسد النسل. والذي أعان على فساده هو كون القدرة عليه أصبحت، بحكم الجهل، منحصرة في المال الذي يجمعه الغاصب والسارق والكاسب. فكثر نسل الظالمين وقلّ نسل العادلين من أهل العقل الراجح. انتهى كلامه. وهو استنباط بديع.