للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي بالطائف. قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا. هي بالطائف. قال: فانكحها.

قلت: فأين قول الله وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ قال: إنها لم تكن في حجرك.

إنما ذلك إذا كانت في حجرك؟.

قال الحافظ ابن كثير: إسناده قويّ ثابت إلى عليّ بن أبي طالب، على شرط مسلم. وإلى هذا ذهب الأمام داود بن عليّ الظاهريّ وأصحابه. وحكاه أبو القاسم الرافعيّ عن مالك رحمه الله تعالى. واختاره ابن حزم. والجمهور على تحريم الربيبة مطلقا. سواء كانت في حجر الرجل أم لم تكن. قالوا: والخطاب في قوله اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ خرج مخرج الغالب. فإن شأنهن الغالب المعتاد أن يكنّ في حضانة أمهاتهن تحت حماية أزواجهن. ولم يرد كونهن كذلك بالفعل. وفائدة وصفهن بذلك تقوية علة الحرمة وتكميلها. كما أنها النكتة في إيرادهن باسم الربائب دون بنات النساء. فإن كونهن بصدد احتضانهم لهن، وفي شرف التقلب في حجورهم، وتحت حمايتهم وتربيتهم، مما يقوي الملابسة والشبه بينهن وبين أولادهم.

ويستدعي إجراءهن مجرى بناتهم. لا تقييد الحرمة بكونهن في حجورهم بالفعل- كذا قرره أبو السعود-.

وفي (الانتصاف) : إن فائدة وصفهن بذلك، هو تخصيص أعلى صور المنهيّ عنه، بالنهي. فإن النهي عن نكاح الربيبة المدخول بأمها عام. في جميع الصور.

سواء كانت في حجر الزوج أو بائنة عنه في البلاد القاصية. ولكن نكاحه لها وهي في حجره أقبح الصور. والطبع عنها أنفر. فخصت بالنهي لتساعد الجبلة على الانقياد لأحكام الملة. ثم يكون ذلك تدريبا وتدريجا إلى استقباح المحرم في جميع صوره.

والله أعلم.

وفي الصحيحين «١» أن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله! انكح أختي بنت أبي سفيان (وفي لفظ لمسلم: عزة بنت أبي سفيان) فقال: أو تحبين ذلك؟ قالت: نعم. لست لك بمخلية. وأحبّ من شاركني في خير أختي. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إن ذلك لا يحل لي. قلت: فإنا نحدّث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة. قال: بنت أم سلمة؟ قلت: نعم. فقال: لو أنها لو لم تكن ربيبتي في حجري، ما حلت لي. إنها لابنة أخي من الرضاعة. أرضعتني وأبا سلمة ثويبة. فلا تعرضن


(١) أخرجه البخاري في: النكاح، ٢٠- باب وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ، حديث ٢١١٠.
ومسلم في: الرضاع، ٤- باب تحريم الربيبة وأخت المرأة، حديث ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>