عليّ بناتكن ولا أخواتكن. (وفي رواية للبخاري: لو لم أتزوج أم سلمة ما حلت لي) .
قال ابن كثير: فجعل المناط في التحريم مجرد تزوجه أم سلمة. وحكم بالتحريم بذلك.
الثالث- اشتهر أن المراد من الدخول في قوله تعالى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ معناه الكنائيّ. وهو الجماع، لأنه أسلوب الكتاب العزيز في نظائره بلاغة وأدبا. ولذا فسره به ابن عباس وغير واحد. فمدلول الآية صريح حينئذ في كون الحرمة مشروطة بالجماع. فلا تتناول غيره من اللمس والتقبيل والنظر لمتاعها. ومن أثبت تحريم الربيبة بذلك لحظ أن معنى الدخول أوسع من الجماع. لأنه يقال: دخل بها، إذا أمسكها وأدخلها البيت. وفي (فتح البيان) : الذي ينبغي التعويل عليه في مثل هذا الخلاف، هو النظر في معنى الدخول شرعا أو لغة. فإن كان خاصا بالجماع فلا وجه لإلحاق غيره به، من لمس أو نظر أو غيرهما. وإن كان معناه أوسع من الجماع بحيث يصدق على ما حصل فيه نوع استمتاع كل مناط التحريم هو ذلك. انتهى.
و (في شرح القاموس للزبيديّ) : ودخل بامرأته كناية عن الجماع. وغلب استعماله في الوطء الحلال. والمرأة مدخول بها. قلت: ومنه الدخلة، لليلة الزفاف.
انتهى.
وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ أي موطوآت فروعكم بنكاح أو ملك يمين. جمع حليلة.
سميت بذلك لحلها للزوج. وقوله تعالى: الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ لإخراج الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية. كما قال تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ [الأحزاب: ٣٧] .
وقال تعالى: وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ [الأحزاب: ٤] . فالسر في التقييد هو إحلال حليلة المتبنّى، ردّا لمزاعم الجاهلية، لا إحلال حليلة الابن من الرضاع وأبناء الأبناء. كأنه قيل: بخلاف من تبنيتموهم، فلكم نكاح حلائلهم. وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ في حيّز الرفع، عطفا على ما قبله من المحرمات. أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين في الوطء بنكاح أو ملك يمين من نسب أو رضاع، لما فيه من قطيعة الرحم إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ في الجاهلية فإنه معفوّ عنه إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً تعليل لما أفاده الاستثناء.