للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصرح من ذلك ما

رواه سعيد بن منصور عن ابن عباس مرفوعا: ليس على أمة حدّ حتى تحصن. يعني تزوج. فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات.

ورواه ابن خزيمة مرفوعا أيضا. وقال: رفعه خطأ. إنما هو من قول ابن عباس.

وكذا رواه البيهقيّ، وقال مثل قول ابن خزيمة.

قالوا: وحديث علي وعمر قضايا أعيان. وحديث أبي هريرة عنه أجوبة: أحدها- إن ذلك محمول على الأمة المزوّجة، جمعا بينه وبين هذا الحديث. الثاني- أن لفظة الحد في قوله: فليقم عليها الحد، مقحمة من بعض الرواة. بدليل.

الجواب الثالث- وهو أن هذا من حديث صحابيين وذلك من رواية أبي هريرة فقط. وما كان عن اثنين فهو أولى بالتقديم من رواية واحد. وأيضا

فقد رواه النسائيّ بإسناد على شرط مسلم من حديث عباد بن تميم عن عمه، وكان قد شهد بدرا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا زنت الأمة فاجلدوها. ثم إذا زنت فاجلدوها ثم إذا زنت فاجلدوها. ثم إذا زنت فبيعوها ولو بضفير.

الرابع- أنه لا يبعد أن بعض الرواة أطلق لفظ (الحد) في الحديث على (الجلد) . لأنه لما كان الجلد اعتقد أنه حد. أو أنه أطلق لفظ (الحد) على التأديب. كما أطلق (الحد) على ضرب من زنى من المرضى بعثكال نخل فيه مائة شمراخ. وعلى جلد من زنى بأمة امرأته إذا أذنت له فيها، مائة. وإنما ذلك تعزير وتأديب عند من يراه. كأحمد وغيره من السلف. وإنما الحد الحقيقيّ هو جلد البكر مائة ورجم الثيّب، انتهى. وله تتمة سابغة.

وقال الإمام ابن القيّم في (زاد المعاد) : وحكم في الأمة إذا زنت ولم تحصن بالحد. وأما قوله تعالى في الإماء: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ

، فهو نص في أن حدها بعد التزويج نصف حد الحرة من الجلد. وأما قبل التزويج فأمر بجلدها. وفي هذا الحد قولان:

أحدهما- أنه الحد. ولكن يختلف الحال قبل التزويج وبعده. فإن للسيد إقامته قبله. وأما بعده فلا يقيمه إلا الإمام.

والقول الثاني- إنّ جلدها قبل الإحصان تعزير لا حدّ. ولا يبطل هذا ما

رواه مسلم «١» في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، يرفعه: إذا زنت أمة


(١)
أخرج مسلم: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال «إن زنت فاجلدوها. ثم إن زنت فاجلدوها. ثم إن زنت فاجلدوها. ثم بيعوها ولو بضفير» . أخرجه في:
الحدود، حديث ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>