أحدكم فليجلدها ولا يعيرها، ثلاث مرات. فإن عادت في الرابعة فليجلدها وليبعها ولو بضفير (وفي لفظ فليضربها بكتاب الله)
وفي صحيحه أيضا من حديث علي كرم الله وجهه إنه قال: أيها الناس! أقيموا على أرقائكم الحد. من أحصن منهن ومن لم يحصن. فإن أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها. الحديث.
فإن التعزير يدخل فيه لفظ (الحد) في لسان الشارع. كما في
قوله صلى الله عليه وسلم: لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حدّ من حدود الله تعالى
. وقد ثبت التعزير بالزيادة على العشرة جنسا وقدرا، في مواضع عديدة لم يثبت نسخها ولم تجتمع الأمة على خلافها. وعلى كل حال، فلا بد أن يخالف حالها بعد الإحصان حالها قبله. وإلا لم يكن للتقييد فائدة. فإما أن يقال قبل الإحصان: لا حد عليها، والسنة الصحيحة تبطل ذلك. وإما أن يقال: حدها قبل الإحصان حد الحرة، وبعده نصفه، وهذا باطل قطعا، مخالف لقواعد الشرع وأصوله. وإما أن يقال: حدها قبل الإحصان تعزير، وبعده حدّ، وهذا أقوى. وإما أن يقال: الافتراق بين الحالين في إقامة الحد لا في قدره وإنه في إحدى الحالتين للسيّد وفي الأخرى للإمام. وهذا أقرب ما يقال.
وقد يقال: إن تنصيصه على التنصيف بعد الإحصان لئلا يتوهم متوهم أن بالإحصان يزول التنصيف ويصير حدها حد الحرة. كما أن الجلد عن البكر يزال بالإحصان وانتقل إلى الرجم، فبقي على التنصيف في أكمل حالتيها وهي الإحصان، تنبيها على أنه إذا اكتفى به فيها ففي ما قبل الإحصان أولى وأحرى. والله أعلم ذلِكَ أي إباحة نكاح الإماء لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ أي المشقة في التحفظ من الزنى مِنْكُمْ أيها الأحرار وَأَنْ تَصْبِرُوا على تحمل تلك المشقة متعففين عن نكاحهن خَيْرٌ لَكُمْ من نكاحهن، وإن سبقت كلمة الرخصة، لما فيه من تعريض الولد للرق. قال عمر رضي الله عنه: أيما حرّ تزوج بأمة فقد أرقّ نصفه. ولأن حق المولى فيها أقوى فلا تخلص للزوج خلوص الحرائر، ولأن المولى يقدر على استخدامها كيفما يريد في السفر والحضر، وعلى بيعها للحاضر والبادي. وفيه من اختلال حال الزوج وأولاده ما لا مزيد عليه. ولأنها ممتهنة مبتذلة خرّاجة ولّاجة.
وذلك كله ذل ومهانة سارية إلى الناكح. والعزة هي اللائقة بالمؤمنين. ولأن مهرها لمولاها. فلا تقدر على التمتع به ولا على هبته للزوج. فلا ينتظم أمر المنزل. كذا حرره أبو السعود. وقد قيل:
إذا لم يكن في منزل المرء حرة ... تدبره ضاعت مصالح داره