صلى الله عليه وسلم:«إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف ولينم حتى يعلم ما يقول» .
وفي رواية: فلعله يذهب يستغفر فيسب نفسه.
وقد روى ابن جرير عن الضحاك في الآية قال: لم يعن بها سكر الخمر. وإنما عنى بها سكر النوم.
قال ابن جرير: والصواب أن المراد سكر الشراب.
قال الرازيّ: ويدل عليه وجهان:
الأول- أن لفظ السكر حقيقة في السكر من شرب الخمر. والأصل في الكلام الحقيقة.
والثاني- أن جميع المفسرين اتفقوا على أن هذه الآية إنما نزلت في شرب الخمر. وقد ثبت في أصول الفقه أن الآية إذا نزلت في واقعة معينة، ولأجل سبب معين، امتنع أن لا يكون ذلك السبب مرادا بتلك الآية.
العاشر- قال الحافظ ابن كثير: قد يحتمل أن يكون المراد من الآية التعريض بالنهي عن السكر بالكلية. لكونهم مأمورين بالصلاة في الخمسة الأوقات، من الليل والنهار. فلا يتمكن شارب الخمر من أداء الصلاة في أوقاتها دائما. والله أعلم.
وعلى هذا فيكون كقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: ١٠٢] . وهو الأمر لهم بالتأهب للموت على الإسلام، والمداومة على الطاعة لأجل ذلك. انتهى.
الحادي عشر- قال الرازيّ: قال بعضهم: هذه الآية، أي لا تَقْرَبُوا إلخ منسوخة بآية المائدة. وأقول: الذي يمكن ادعاء النسخ فيه أن يقال: نهى عن قربان الصلاة حال السكر ممدودا إلى غاية أن يصير بحيث يعلم ما يقول. والحكم الممدود إلى غاية، يقتضي انتهاء ذلك الحكم عند تلك الغاية. فهذا يقتضي جواز قربان الصلاة مع السكر إذا صار بحيث يعلم ما يقول. ومعلوم أن الله تعالى لما حرم الخمر بآية المائدة، فقد رفع هذا الجواز. فثبت أن آية المائدة ناسخة لبعض مدلولات هذه الآية. هذا ما حضر ببالي في تقرير هذا النسخ.
والجواب عنه: أنا بيّنا أن حاصل هذا النهي راجع إلى النهي عن الشرب الموجب للسكر عند القرب من الصلاة. وتخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه إلا على سبيل الظن الضعيف. ومثل هذا لا يكون نسخا. انتهى.