للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللمس على الجسّ باليد. بل هو المعنى الحقيقيّ. ولكنا ندعي أن المقام محفوف بقرائن توجب المصير إلى المجاز. وأما قولهم: بأن القبلة فيها الوضوء، فلا حجة في قول الصحابيّ. لا سيما إذا وقع معارضا لما ورد عن الشارع. ويؤيد ذلك قول اللغويين. أن المراد بقول بعض الأعراب للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إن امرأته لا تردّ يد لامس، الكناية عن كونها زانية. ولهذا قال له صلى الله عليه وسلم: طلقها.

وأما حديث معاذ الذي استأنسوا به فلا دلالة فيه على النقض. لأنه لم يثبت أنه كان متوضئا قبل أن يأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم بالوضوء. ولا ثبت أنه كان متوضئا عند اللمس، فأخبره النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قد انتقض وضوؤه كذا في (نيل الأوطار) .

وقال ابن كثير: هو منقطع بين ابن أبي ليلى ومعاذ. فإنه لم يلقه. ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة المكتوبة، كما تقدم في حديث الصديق «١» : ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له. وهو مذكور في سورة آل عمران عند قوله ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ [آل عمران: ١٣٥] الآية.

الخامسة- التيمم، لغة، القصد. يقال: تيممته وتأممته ويممته وآممته أي قصدته. وأما الصعيد فهو فعيل بمعنى الصاعد. قال الزجاج: الصعيد وجه الأرض، ترابا كان أو غيره. لا أعلم اختلافا بين أهل اللغة في ذلك. وفي (المصباح) الصعيد في كلام العرب يطلق على وجوه: على التراب الذي على وجه الأرض وعلى وجه الأرض. وعلى الطريق وفي (القاموس) : الصعيد التراب أو وجه الأرض.

قال الأزهريّ: ومذهب أكثر العلماء أن الصعيد من قوله تعالى صَعِيداً طَيِّباً هو التراب. انتهى.

واحتجوا بما

في صحيح مسلم «٢» عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا. وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء.

وفي لفظ: وجعل ترابها لنا طهورا إذا لم نجد الماء

. قالوا: فخصص الطهورية بالتراب في مقام الامتنان.

فلو كان غيره يقوم مقامه لذكره معه. قالوا: وحديث جابر «٣» المتفق عليه: جعلت


(١) أخرجه أبو داود في: الصلاة، ٢٦- باب في الاستغفار، حديث ١٥٢١. [.....]
(٢) أخرجه مسلم في: المساجد ومواضع الصلاة، حديث ٤.
(٣)
أخرجه البخاريّ في: التيمم، ١- باب قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ، حديث ٢٣١، ونصه: عن جابر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت

<<  <  ج: ص:  >  >>