وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً [الأعراف: ٥٨]- فغير مفيد للمطلوب إلا بعد بيان اختصاص الطيّب بما ذكر. والضرورة تدفعه. فإن التراب المختلط بالأزبال أجود إخراجا للنبات. كذا في (الروضة الندية) .
وأما الاستدلال بآية المائدة وظهور التبعيض في (من) فذاك إذا كان الضمير عائدا إلى الصعيد.
قال الناصر في (الانتصاف) : وثمة وجه آخر وهو عود الضمير على الحدث المدلول عليه بقوله وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى إلى آخرها فإن المفهوم منه: وإن كنتم على حدث في حال من هذه الأحوال: سفر أو مرض، أو مجيء من الغائط، أو ملامسة النساء فلم تجدوا ماء تتطهرون به من الحدث، فتيمموا منه. يقال: تيممت من الجنابة. قال: وموقع (من) على هذا مستعمل متداول. وهي على هذا الإعراب إما للتعليل أو الغاية. وكلاهما فيها متمكن. والله أعلم.
السادسة- أفاد قوله تعالى فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ أن الواجب في التيمم عن وضوء أو غسل هو مسح الوجه واليدين فقط. وهذا إجماع. إلا أن في اليدين مذاهب للأئمة. فمن قائل بأنهما يمسحان إلى المرفقين، لأن لفظ اليدين يصدق في إطلاقهما على ما يبلغ المنكبين وعلى ما يبلغ المرفقين. كما في آية الوضوء. وعلى ما يبلغ الكفين كما في آية السرقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما. وقالوا:
وحمل ما أطلق هاهنا، على ما قيد في آية الوضوء، أولى لجامع الطهورية.
وروى الشافعيّ عن إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال: مررت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول. فسلمت عليه فلم يرد عليّ. حتى قام إلى الجدار فحتّه بعصا كانت معه. ثم وضع يده على الجدار فمسح وجهه وذراعيه.
ثم رد عليّ.
وهذا الحديث منقطع. لأن الأعرج، وهو عبد الرحمن بن هرمز، لم يسمع هذا من ابن الصمة. وإنما سمعه من عمير مولى ابن عباس عن ابن الصمة. وكذا هو مخرج في الصحيحين عن عمير مولى ابن عباس قال: دخلنا على أبي جهيم بن الحارث. فقال أبو جهيم: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل. فلقيه رجل فسلم عليه. فلم يردّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، حتى أقبل على الجدار. فوضع يده على الحائط. فمسح بوجهه ويديه. ثم ردّ عليه السلام.