للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة. وهي كثيرة جدا. والقول بموجبها واجب على وجه العموم. والإطلاق، من غير أن يعين شخص من الأشخاص، فيقال: هذا كافر أو فاسق أو ملعون أو مغضوب عليه أو مستحق للنار، لا سيما إن كان للشخص فضائل وحسنات- فإن ما سوى الأنبياء يجوز عليهم الصغائر والكبائر. مع إمكان أن يكون ذلك الشخص صديقا أو شهيدا أو صالحا. كما قد بسط في غير هذا الموضع. من أن موجب الذنوب تتخلف عنه بتوبة أو باستغفار أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مقبولة أو لمحض مشيئة الله ورحمته. فإذا قلنا بموجب قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً [النساء: ٩٣] الآية، وقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء: ١٠] . وقوله: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ [النساء: ١٤] الآية. وقوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ- إلى قوله- وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً [النساء: ٣٠] الآية. إلى غير ذلك من آيات الوعيد، وقلنا بموجب

قوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من شرب الخمر «١»

أو من عقّ والديه «٢» أو من غير منار الأرض «٣» أو من ذبح لغير الله أو لعن الله السارق أو لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهده وكاتبه أو لعن الله لاوي الصدقة والمتعدي فيها أو من أحدث «٤» في المدينة حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد- لم يجز أن تعين شخصا، ممن فعل بعض هذه الأفعال، وتقول: هذا المعين قد أصاب هذا الوعيد. لإمكان التوبة وغيرها


(١) أخرجه أبو داود في: الأشربة، ٢- باب العنب يعصر للخمر، حديث ٣٦٧٤.
(٢)
أخرجه البخاريّ في: الشهادات، ١٠- باب ما قيل في شهادة الزور، حديث ١٢٩١ ونصه: عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» (ثلاثا) قالوا: بلى، يا رسول الله! قال «الإشراك بالله وعقوق الوالدين» وجلس وكان متكئا فقال «ألا، وقول الزور» قال فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
ومسلم في: الإيمان، حديث ١٤٣.
(٣)
أخرجه مسلم في: الأضاحيّ، حديث ٤٣ وهذا نصه: عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: كنت عند عليّ بن أبي طالب، فأتاه رجل فقال: ما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يسرّ إليك؟ قال فغضب وقال: ما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يسرّ إليّ شيئا يكتمه الناس. غير أنه قد حدثني بكلمات أربع. قال فقال: ما هنّ يا أمير المؤمنين؟
قال: قال «لعن الله من لعن والده. ولعن الله من ذبح لغير الله. ولعن الله من آوى محدثا. ولعن الله من غيّر منار الأرض» .
(٤)
أخرجه البخاريّ في: فضائل المدينة، ١- باب حرم المدينة، حديث ١٧٤ عن أنس رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث. من أحدث حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>