عبد الدار بن قصيّ بن كلاب القرشيّ العبدريّ حاجب الكعبة المعظمة، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم. أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة، هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص.
وأما عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة فكان معه لواء المشركين يوم أحد وقتل يومئذ كافرا. وإنما نبهنا على هذا النسب لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليه هذا بهذا. وسبب نزولها فيه: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح ثم رده عليه. قال محمد بن إسحاق (في غزوة الفتح) : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى جاء إلى البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده. فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له. فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكفّ له الناس في المسجد.
قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. صدق وعده. ونصر عبده. وهزم الأحزاب وحده. ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يدّعى، فهو تحت قدميّ هاتين: إلّا سدانة البيت وسقاية الحاج. وذكر بقية الحديث في خطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ. إلى أن قال:
ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. فقام إليه عليّ بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده. فقال: يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية. صلى الله عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعي له. فقال هاك مفتاحك، يا عثمان! اليوم يوم برّ ووفاء.
وروى ابن جرير «١» عن ابن جريج، في الآية قال: نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة. قبض منه النبيّ صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة. ودخل به البيت يوم الفتح. فخرج وهو يتلو هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها فدعا عثمان إليه.
فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب (لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها: فداه أبي وأمي. ما سمعته يتلوها قبل ذلك.