للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السيوطيّ: ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة. انتهى.

وعن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب أن هذه الآية نزلت في الأمراء. يعني الحكام بين الناس.

وقال السيوطيّ في (الإكليل) : في هذه الآية وجوب ردّ كل أمانة من وديعة وقراض وقرض وغير ذلك. واستدل المالكية، بعموم الآية، على أن الحربيّ إذا دخل دارنا بأمان فأودع وديعة ثم مات أو قتل، إنه يجب رد وديعته إلى أهله. وأن المسلم إذا استدان من الحربيّ بدار الحرب ثم خرج، يجب وفاؤه. وأن الأسير إذا ائتمنه الحربيّ على شيء لا يجوز له أن يخونه. وعلى أن من أودع مالا وكان المودع خانه قبل ذلك، فليس له أن يجحده كما جحده. ويوافق هذه المسألة حديث: أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، في هذه الآية قال: مبهمة للبر والفاجر.

يعني عامة.

وقد أخرج ابن جرير وغيره أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة. لما أخذه النبيّ صلى الله عليه وسلم من عثمان بن طلحة. واختار ما رواه عليّ وغيره أنها خطاب لولاة المسلمين.

أمروا بأداء الأمانة لمن ولوا عليه. فيستدل بالآية على أن على الحكام والأئمة ونظار الأوقاف أداء الحقوق المتعلقة بذممهم من توليه المناصب وغيرها إلى من يستحقها.

كما أن قوله تعالى: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. أمر لهم بإيصال الحقوق المتعلقة بذمم الغير إلى أصحابها. وحيث كان المأمور به ههنا مختصا بوقت المرافعة، قيد به. بخلاف المأمور به أولا. فإنه لما لم يتعلق بوقت دون وقت أطلق إطلاقا. وأصل العدل هو المساواة في الأشياء. فكل ما خرج من الظلم والاعتداء سمي عدلا.

روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص «١» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن. وكلتا يديه يمين.

الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» .

وروى الترمذيّ عن أبي سعيد الخدريّ «٢» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب


(١) أخرجه مسلم في: الإمارة، حديث ١٨.
(٢) أخرجه في: الأحكام، ٤- باب ما جاء في الإمام العادل.

<<  <  ج: ص:  >  >>