الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم عنده مجلسا: إمام عادل. وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم منه مجلسا: إمام جائر» .
وروى الحاكم والبيهقيّ بسند صحيح عن ابن أبي أوفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله تعالى مع القاضي ما لم يجر. فإذا جار تبرأ الله منه وألزمه الشيطان» .
قال الإمام ابن تيمية رضي الله عنه في رسالته (السياسة الشرعية) بعد الخطبة:
هذه الرسالة مبنية على آية الأمراء في كتاب الله تعالى. وهي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ... الآية. قال العلماء: نزلت في ولاة الأمور، عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل. ثم قال: وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها: والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة. ثم قال: أما أداء الأمانات ففيه نوعان:
أحدهما- الولايات وهو كان سبب نزول الآية. فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وتسلم مفاتيح الكعبة من بني شيبة وطلبها العباس ليجمع له بين سقاية الحاج وسدانة البيت فأنزل الله هذه الآية. فرد مفاتيح الكعبة إلى بني شيبة. فيجب على وليّ الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل.
قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولّى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» . رواه الحاكم في صحيحه.
وفي رواية: من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين
. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين. فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار، من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطان والقضاة. ومن أمراء الأجناد ومقدمي العساكر الكبار والصغار وولاة الأموال من الوزراء والكتاب والشادين والسعاة على الخراج والصدقات وغير ذلك من الأموال التي للمسلمين. وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده، وينتهي ذلك إلى أئمة الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمراء الحاج والبرد وخزان الأموال ونقباء العساكر الكبار والصغار وعرفاء القبائل والأسواق.
على كل من ولي شيئا من أمور المسلمين من الأمراء وغيرهم أن يستعمل فيما تحت يده، في كل موضع، أصلح من يقدر عليه. ولا يقدم الرجل لكونه طلب أو