الله تعالى. فكان حمل اللفظ على هذا الوجه أولى: أفاده الرازيّ.
الرابع- استدل مثبتو القياس بقوله تعالى فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ إلخ قالوا: معنى الآية: فإن تنازعتم في شيء حكمه غير مذكور في الكتاب والسنة، فردوا حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له. وذلك هو القياس. قالوا: ولو كان المراد من قوله تعالى فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ طلب حكمه من نصوص الكتاب والسنة- لكان داخلا تحت قوله أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وهو إعادة لعين ماضي (كذا) وهو غير جائز. وقد توسع الرازيّ في تقرير ذلك هاهنا، كما توسع في أن قوله تعالى (وأولي الأمر) إشارة إلى الإجماع. فتكون الآية، بزعمه، دلت على الأصول الأربع.
ولا يخفى ما في هذا التعمق من دقيق الاستنباط.
الخامس- قدمنا رواية البخاريّ في سبب نزول هذه الآية. وأن ابن عباس قال:
نزلت في عبد الله بن حذافة.
قال الداوديّ (شارح الصحيح) : هذا وهم على ابن عباس. فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب عليهم. فأمرهم أن يوقدوا نارا ويقتحموها. فامتنع بعض وهم بعض أن يفعل.
قال: فإن كانت الآية نزلت قبل، فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره؟ وإن كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم: إنما الطاعة في المعروف، وما قيل لهم:
لم لم تطيعوه؟ انتهى.
وأجاب الحافظ ابن حجر: أي المقصود في قصته قوله فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ لأنهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به. وسببه أن الذين هموا أن يعطوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة. والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار. فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع. وهو الرد إلى الله وإلى رسوله. أي: إن تنازعتم في جواز الشيء وعدم جوازه فارجعوا إلى الكتاب والسنة.
والله أعلم.
ولما أوجب تعالى على جميع المكلفين أن يطيعوا الله ورسوله، آثرها بأن المنافقين والذين في قلوبهم مرض لا يطيعون الرسول ولا يرضون بحكمه، وإنما يريدون حكم غيره، فقال: