للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: باب من قبل المغرب يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين سنة. خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض. مفتوح للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها.

وأخرج الترمذيّ أيضا عن ابن عمر. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

وأخرج مسلم «١» من حديث أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.

ونحو هذه الأحاديث مما يطول تعداده- لا يقال: إن هذه العمومات مخصصة بقوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ... الآية. لأنا نقول: الآية أعم من وجه، وهو شمولها للتائب وغيره. وأخص من وجه، وهو كونها في القاتل. وهذه العمومات أعم من وجه، وهو شمولها لمن كان ذنبه القتل ولمن كان ذنبه غير القتل. وأخص من وجه، وهو كونها في التائب. وإذا تعارض عمومان لم يبق إلا الرجوع إلى الترجيح. ولا شك أن الأدلة القاضية بقبول التوبة مطلقا أرجح لكثرتها وهكذا أيضا يقال: إن الأحاديث بخروج الموحدين من النار وهي متواترة المعنى، كما يعرف ذلك من له إلمام بكتب الحديث، تدل على خروج كل موحد. سواء كان ذنبه القتل أو غيره.

والآية القاضية بخروج من قتل نفسا هي أعم من أن يكون القاتل موحدا أو غير موحد. فيتعارض عمومان. وكلاهما ظنّي الدلالة. ولكن عموم آية القتل قد عورض بما سمعته. بخلاف أحاديث خروج الموحدين، فإنها إنما عورضت بما هو أعم منها مطلقا. كآيات الوعيد للعصاة الدالة على الخلود الشاملة للكافر والمسلم. ولا حكم لهذه المعارضة، أو بما هو أخص منها مطلقا. كالأحاديث القاضية بتخليد


امرءا من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم. فجئت أسألك: هل سمعته يذكر في ذلك شيئا؟ قال: نعم. كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين، أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم. فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئا؟ قال: نعم. كنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في سفر.
فبينما نحن عنده إذ ناداه أعرابيّ بصوت له جهوريّ: يا محمد! فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من صوته «هاؤم» وقلنا له: ويحك. اغضض من صوتك، فإنك عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد نهيت عن هذا.
فقال: والله! لا أغضض. قال الأعرابيّ: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «المرء مع من أحب يوم القيامة» .
فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا من قبل المغرب مسيرة سبعين عاما. عرضه، أو يسير الراكب في عرضه، أربعين أو سبعين عاما»
. (١) أخرجه مسلم في: التوبة، حديث ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>