للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نظر عبد الله بن عمر يوما إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة منك. قال الترمذيّ هذا حديث حسن.

وفي صحيح البخاريّ «١» أيضا عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما.

وذكر البخاريّ أيضا عن ابن عمر قال: من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم الحرام بغير حله.

وفي الصحيحين «٢» عن أبي هريرة يرفعه: سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر.

وفيهما أيضا عنه صلى الله عليه وسلم «٣» : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.

وفي صحيح البخاريّ «٤» عنه صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة. وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما.

هذه عقوبة قاتل عدوّ الله، إذا كان معاهدا في عهده وأمانه. فكيف بعقوبة قاتل عبده المؤمن؟.

وإذا كانت امرأة قد دخلت النار، في هرة حبستها حتى ماتت جوعا وعطشا، فرآها النبيّ صلى الله عليه وسلم في النار والهرة تخدشها في وجهها وصدرها، فكيف عقوبة من حبس مؤمنا حتى مات بغير جرم؟

وفي بعض السنن عن صلى الله عليه وسلم «٥» : لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق.

وقال ابن القيّم أيضا قبل ذلك: وقد جعل الله سبحانه وتعالى جزاء قتل النفس المؤمنة عمدا، الخلود في النار وغضب الجبار ولعنته وإعداد العذاب العظيم له. هذا موجب قتل المؤمن عمدا ما لم يمنع منه مانع. ولا خلاف أن الإسلام الواقع بعد القتل، طوعا واختيارا، مانع من نفوذ ذلك الجزاء. وهل تمنع توبة المسلم منه بعد وقوعه؟ فيه قولان للسلف والخلف. وهما روايتان عن أحمد. والذين قالوا: لا تمنع التوبة من نفوذه رأوا أنه حق لآدميّ لم يستوفه في دار الدنيا وخرج منه بظلامته فلا بد


(١) أخرجه البخاريّ في: الديات، ١- باب قول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ، حديث ٢٥٢١.
(٢) أخرجه البخاريّ في: الإيمان، ٣٦- باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، حديث ٤٤.
(٣) أخرجه البخاريّ في: العلم، ٤٣- باب الإنصات للعلماء، حديث ١٠٤.
(٤) أخرجه البخاريّ في: الجزية، ٥- باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم، حديث ١٤٩٦.
(٥) أخرجه النسائي في: تحريم الدم، ٢- باب تعظيم الدم.
وابن ماجة في: الديات، ١- باب التغليظ في قتل المسلم، حديث ٢٦١٩.
والترمذيّ في: الديات، ٧- باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>