اجتماعهم، من الخطأ، تشريفا لهم وتعظيما لنبيهم. وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك. ومن العلماء من ادعى تواتر معناها. والذي عوّل عليه الشافعيّ رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته، هذه الآية الكريمة. بعد التروّي والفكر الطويل، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها. وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك. انتهى.
وقال بعض مفسري الزيدية: الآية دلت على أن مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم كبيرة. وقد تبلغ إلى الكفر. ودلت على أن الجهل عذر. لقوله: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى.
ودلت على أن مخالفة الإجماع كبيرة. وأنه دليل كالكتاب والسنة لكن إنما يكون كبيرة إذا كان نقله قطعيا، لا آحاديا. انتهى.
وقال المهايميّ: في الآية دليل على حرمة مخالفة الإجماع. لأنه عز وجل رتب الوعيد الشديد على مشاقة الرسول ومخالفة الإجماع، فهو إما لحرمة أحدهما وهو باطل. إذ يقبح أن يقال من شرب الخمر وأكل الخبز استوجب الحدّ، إذ لا دخل لأكل الخبز فيه. أو لحرمة الجمع بينهما وهو أيضا باطل. لأن مشاقة الرسول حرام وإن لم يضم إليها غيرها. أو لحرمة كل واحد منهما وهو المطلوب. انتهى.
ونقل الخفاجيّ قصة استدلال الشافعيّ من هذه الآية عن الإمام المزنيّ قال:
كنت عند الشافعيّ يوما. فجاءه شيخ عليه لباس صوف وبيده عصا. فلما رآه ذا مهابة استوى جالسا، وكان مستندا لأسطوانة، فاستوى وسوى ثيابه. فقال له: ما الحجة في دين الله؟ قال: كتابه قال: وماذا؟ قال: سنة نبيه. قال وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال:
من أين هذا الأخير؟ أهو في كتاب الله؟ فتدبر ساعة ساكتا. فقال له الشيخ: أجّلتك ثلاثة أيام بلياليهن. فإن جئت بآية، وإلا فاعتزل الناس.
فمكث ثلاثة أيام لا يخرج وخرج في اليوم الثالث بين الظهر والعصر، وقد تغير لونه. فجاءه الشيخ وسلم عليه وجلس. وقال: حاجتي. فقال: نعم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال الله عز وجل: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ- إلى آخر الآية. لم يصله جهنم، على خلاف المؤمنين، إلا واتّباعهم فرض. قال: صدقت. وقام وذهب.
وروي عنه أنه قال: قرأت القرآن في يوم وفي كل ليلة ثلاث مرات. حتى ظفرت بها.
وأورد الراغب عليه، أنه لا حجة فيها على ما ذكره. بأن كل موصوف علق به