الموت والحياة؟ ثم إنه يحتمل أن الله تعالى ألقى شبهه على شيطان أو مارد من مردة الجن ليخلص نبيه ورسوله من أيدي أعدائه، ويرفعه إليه محفوظا مكرما. كما أجرى عليه يديه إحياء الموتى، وخلقه من غير أب، وأبرأ الأكمه والأبرص. لا سيما وهو بزعمهم إله العالم وخالق الإنس والجن وبني آدم. فأي ضرورة تدعو لإثبات أنواع الإهانة والعذاب، على ما زعموا، لرب الأرباب. مع وجود التناقض فيما نقلته أناجيلهم في هذا الفصل والباب.
عجبا للمسيح بين النصارى ... وإلى أيّ والد نسبوه
أسلموه إلى اليهود وقالوا: ... إنهم بعد ضربه صلبوه
فإذا كان ما يقولون حقّا ... وصحيحا، فأين كان أبوه؟
حين خلى ابنه رهين الأعادي ... أتراهم أرضوه أم أغضبوه؟
فلئن كان راضيا بأذاهم ... فاحمدوهم لأنهم عذّبوه
ولئن كان ساخطا فاتركوه ... واعبدوهم لأنهم غلبوه
وفي كتاب (الفاصل بين الحق والباطل) ما نصه: وفي الذي اتخذتموه شهيدا على صلبه من كلام عاموص النبيّ. أن الله تعالى قال على لسانه: ثلاثة ذنوب أقبل لبني إسرائيل. والرابعة لا أقبلها. بيعهم الرجل الصالح- حجة عليكم لا لكم. لأنه لم يقل بيعهم إياي. ولا قال بيعهم إلها متساويا معي.
ويجزي تأويل ذلك على وجهين: إما أن يكون عنى بالمبيع عيسى كما تزعمون فقولوا حينئذ إنه (الرجل الصالح) كما قال عاموص، وليس بالإله المعبود.
وإما أن يريد بالمبيع غيره وهو الذي شبه لليهود فابتاعوه وصلبوه. ويلزمكم وقتئذ إنكار مصلوبية عيسى عليه السلام. كيف لا ونصوص الإنجيل والكتب النصرانية متضافرة دالة على عدم الصلب لعيسى عليه السلام. ووقوع الشبه على غيره. وذلك من وجوه: أحدها- يوجد في الإنجيل أن عيسى عليه السلام صعد إلى جبل الجليل ومعه بطرس ويعقوب ويوحنا. فبينما هو يصلي إذ تغير منظر وجهه عما كان عليه وابيضت ثيابه فصارت تلمع كالبرق. وإذا بموسى بن عمران وإيليا قد ظهرا له وجاءت سحابة فأظلتهم. فوقع النوم على الذين معه. فأي مانع يمنع من أن يكون ذلك قد وقع في اليوم الذي طلبته فيه اليهود. وإنما قد اختلفتم في نقلها كما اختلفتم وتناقضتم في غير ذلك. وغيرتم الكلم عن مواضعه. وظهور الأنبياء عليهم السلام وتظليل السحابة ووقوع النوم على التلاميذ، يكون حينئذ دليلا ظاهرا على الرفع إلى