أبي رحمه الله وجماعة عظماء البلد. ثم صلينا في ألوف من الناس عليه. ثم لم يلبث شهورا نحو السبعة حتى ظهر حيّا. وبويع بعد ذلك بالخلافة. ودخلت عليه أنا وغيري وجلست بين يديه. ورأيته. وبقي ثلاثة أعوام غير شهرين وأيام.
قال أبو محمد رضي الله عنه: وأما قوله: قد جوّزتم التمويه على الكافة، فقد بيّنا أنها لم تكن كافة قط. وحتى لو صح أنها كافة فكيف لا يجوز ذلك في كل آية تحيل الطبائع والحواس؟ فهو ضرورة لا يحمل على الممكنات. فلو صح أنها كانت كافة، لكان خبر الله تعالى أنه شبه لهم، حاكما على حواسهم ومحيلا لها. كخروج النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة هاجر بحضرة مائة رجل من قريش. وقد حجب الله سبحانه أبصارهم عنه فلم يروه. وأما ما لم يأت خبر عن الله عز وجل بأنه شبه على الكافة، فلا يجوز أن يقال ذلك. لأنه قطع على المحال وإحالة طبيعة. وإحالة الطبائع لا تدخل في الممكن. إلا أن يأتي بذلك يقين عن الله عز وجل، فيلزم قبوله. وأما التشبيه على الواحد والاثنين ونحو ذلك فإنه جائز. وكذلك فقد العقل والسخافة يجوز ذلك على الواحد والاثنين ونحو ذلك. ولا يجوز على الجماعة كلها. وقوله تعالى: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ، إنما هو إخبار عن الذين يقولون تقليدا لأسلافهم من النصارى واليهود أنه عليه السلام قتل وصلب. فهؤلاء شبّه لهم القول. أي: أدخلوا في شبهة منه. وكان المشبهون لهم شيوخ السوء في ذلك الوقت. وشرطهم المدّعون أنهم قتلوه. وهم يعلمون أنه لم يكن ذلك. وإنما أخذوا من أمكنهم فقتلوه وصلبوه في استتار ومنع من حضور الناس. ثم أنزلوه ودفنوه تمويها على العامة التي شبه الخبر لها.
ثم نقول لليهود والنصارى، بعد أن بينا بحول الله وقوته بيان ما شنعوه في هذه المسألة: إن كوافكم قد نقلت عن بعض أنبياءكم فسوقا ووطء إماء. وهو حرام عندكم. وعن هارون عليه السلام أنه هو الذي عمل العجل لبني إسرائيل وأمرهم بعبادته والرقص أمامه. وقد نزه الله تعالى الأنبياء عليهم السلام عن عبادة غيره. وعن الأمر بذلك، وعن كل معصية ورذيلة. فإذا جوزوا كلهم هذا على أنبياء، منهم موسى عليه السلام وسائر أنبيائهم- كان كل ما أمروهم به، مع جنس عمل العجل والرقص والأمر بعبادته. ومن جنس وطء الإماء وسائر ما نسبوه إلى داود وسليمان عليهما السلام وسائر أنبيائهم. لا سيما وهم يقرون بأن العجل كان يحور بطبعه. وأما نحن فجوابنا في هذا كله بأن ليس شيء منه نقل كافة. ولكن نقل آحاد كذبوا فيه. وأما خوار العجل فإنما هو على ما روينا عن ابن عباس رضي الله عنه، من أنه إنما كان