للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. وكان أكثر عمارتها من أموالهم. وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. وهذا من إخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك. انتهى.

قلت: وقد اشتهرت هذه المنارة بمئذنة عيسى.

وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر في (تاريخه) عن بعض السلف أن عيسى عليه السلام، بعد نزوله، يدفن مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في حجرته. فالله أعلم.

والتأويل المذكور في الآية رواه ابن جرير عن سعيد بن جبير «١» والعوفي «٢» ، كلاهما عن ابن عباس.

وروى ابن أبي حاتم بسنده عن الضحاك عن ابن عباس في الآية قال: يعني اليهود خاصة. وبه إلى الحسن: يعني النجاشيّ أصحابه.

وبه إليه قال: إن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة، مقاما يؤمن به البر والفاجر.

وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد.

قال ابن كثير: وهذا القول هو الحق. وروي عن ابن عباس أيضا ومحمد بن الحنفية ومجاهد وعكرمة ومحمد بن سيرين والضحاك وجويبر أن المعنى: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت ذلك الكتابيّ عند الغرغرة. حين لا ينفعه الإيمان. ذهابا إلى أنه إذا عاين علم الحق من الباطل. لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه.

قال عكرمة: قال ابن عباس: لا يموت اليهوديّ حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله. ولو عجل بالسلاح.

قال الزمخشريّ: فإن قلت: ما فائدة الإخبار بإيمانهم بعيسى قبل موتهم؟

قلت: فائدته الوعيد. وليكون علمهم بأنهم لا بد لهم من الإيمان به عن قريب، عند المعاينة، وأن ذلك لا ينفعهم- بعثا لهم وتنبيها على معاجلة الإيمان به في أوان الانتفاع به. وليكون إلزاما للحجة لهم. انتهى.


(١) عن سعيد بن جبير، الأثر رقم ١٠٧٩٤ و ١٠٧٩٥ من التفسير.
(٢) عن العوفيّ، الأثر رقم ١٠٨٠٧ من التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>