للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسموعة من القراء، والمداد الذي في المصاحف قديم أزلي- أخطأ وابتدع، وقال ما يخالف العقل والشرع. فإن

النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «١» : زينوا القرآن بأصواتكم

. فبين أن الصوت صوت القارئ. والكلام كلام الباري. كما قال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة: ٦] . فالقرآن الذي يقرؤه المسلمون كلام الله لا كلام غيره. كما ذكر الله ذلك.

وفي السنن «٢» عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه على الناس في الموقف فقال: ألا رجل يحملني إلى قومه؟ فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي

. قالوا لأبي بكر الصديق لما قرأ عليهم الم غُلِبَتِ الرُّومُ: هذا كلامك أم كلام صاحبك؟ فقال: ليس بكلامي ولا كلام صاحبي. ولكنه كلام الله تعالى.

والناس إذا بلّغوا كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم «٣»

كقوله: إنما الأعمال بالنيات

- يعلمون أن الحديث الذي يسمعونه حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم. تكلم به بصوته وبحروفه ومعانيه.

والمحدّث بلّغه عنه بصوت نفسه لا بصوت النبيّ صلى الله عليه وسلم. فالقرآن أولى أن يكون كلام الله، إذا بلّغته الرسل عنه، وقرأه الناس بأصواتهم. والله تكلم بالقرآن بحروفه ومعانيه بصوت نفسه. ونادى موسى بصوت نفسه. كما ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف. وصوت العبد ليس هو صوت الرب. ولا مثل صورته. فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. وقد نص أئمة الإسلام، أحمد ومن قبله من الأئمة على ما نطق به الكتاب والسنة: من أن الله ينادي بصوت. وإن القرآن كلامه تكلم بحروف وصوت. ليس منه شيء كلاما لغيره. لا جبرئيل ولا غيره. وأن العباد يقولونه بأصوات أنفسهم وأفعالهم. فالصوت المسموع من العبد صوت


(١)
أخرجه البخاريّ في: التوحيد، ٥٢- باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم «الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة وزينوا القرآن بأصواتكم» .
قال الحافظ في (الفتح) : هذا الحديث من الأحاديث التي عقلها البخاريّ ولم يصلها في موضع آخر من كتابه. وقد أخرجه في كتاب (خلق أفعال العباد) من رواية عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء، بهذا.
وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدارميّ، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من هذا الوجه.
(٢) أخرجه أبو داود في: السنّة، ٢٠- باب في القرآن، حديث ٤٧٣٤.
(٣)
أخرجه البخاريّ في: الوحي، ١- باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث ١.
عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إنما الأعمال بالنيات. وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>