أو التقدير: ولا تقولوا: الله ثلاثة. أي ثلاثة أقانيم. وفي تعاليمهم المدرسية المطبوعة الآن ما نصه: أخص أسرار المسيحية سر الثالوث. وهو إله واحد في ثلاثة أقانيم: الأب والابن وروح القدس. والأب هو الله والابن هو الله وروح القدس هو الله. وليسوا ثلاثة آلهة. بل إله واحد موجود في ثلاثة أقانيم متساوين في الجوهر ومتميزين فيما بينهم بالأقنومية. وذلك لأن لهم جوهرا واحدا ولاهوتا واحدا وذاتا واحدة. وليس أحد هذه الأقانيم الثلاثة أعظم أو أقدم أو أقدر من الآخرين. لكون الثلاثة متساوية في العظمة والأزلية والقدرة وفي كل شيء. ما عدا الأقنومية. ولا نقدر أن نفهم جيدا هذه الحقائق لأنها أسرار فائقة العقل والإدراك البشريّ. انتهى كلامهم في تعليمهم المدرسيّ المطبوع في بيروت سنة (١٨٧٦) مسيحية. فانظر إلى هذا التناقض والتمويه. يعترفون بأن الثلاثة آلهة. ثم يناقضون قولهم وينكرون ذلك.
ونقل العلامة الشيخ رحمة الله الهنديّ في كتابه (إظهار الحق) عن صاحب (ميزان الحق) النصرانيّ أنه قال: نحن لا نقول: إن الله ثلاثة أشخاص أو شخص واحد. بل نقول بثلاثة أقانيم في الوحدة. وبين الأقانيم الثلاثة وثلاثة أشخاص بعد السماء والأرض انتهى.
قال رحمة الله: وهذه مغالطة صرفة. لأن الموجود لا يمكن أن يوجد بدون التشخص. فإذا فرض أن الأقانيم موجودون وممتازون بالامتياز الحقيقيّ، كما صرح هو بنفسه في كتبه، فالقول بوجود الأقانيم الثلاثة هو بعينه القول بوجود الأشخاص الثلاثة. على أنه وقع في الصحيفة التاسعة والعشرين من كتاب الصلاة، الرائج في كنيسة انكلترة، المطبوع سنة (١٨١٨) ما ترجمته: أيها الثلاثة المقدسون والمباركون والعالون منزلة، الذين هم واحد. يعني ثلاثة أشخاص وإلها واحدا. فوقع فيه ثلاثة أشخاص صريحا. وكذلك مملوءة بعبارات مصرحة بأن عيسى ابن الله، وأنه الله، وأن مريم أم الله وزوجه الله. ويسجدون لها ولصورتها السجود المحرّم في كتبهم لغير الله، كما يسجدون لله. نسأله سبحانه وتعالى الحفظ. ونعوذ به من الخذلان وتسويلات الشيطان.
ولقد شفى الغليل الأستاذ الجليل الشيخ رحمه الله في (إظهار الحق) فساق، في الباب الرابع منه، إبطال التثليث بالبراهين الدامغة والحجج البالغة. كما رد عليهم من المسلمين وممن أسلم منهم عدد وافر يفوت الحصر. وقد انتشر، والله الحمد،