للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنترة عن أبيه قال: لما نزلت: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ- وذلك يوم الحج الأكبر- بكى عمر. فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا.

فأما إذ كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص. فقال صدقت.

قال ابن كثير: ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت: إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء. انتهى.

قلت: والحديث المذكور رواه مسلم «١» عن أبي هريرة. والترمذيّ عن ابن مسعود. وابن ماجة عنهما أيضا وعن أنس، والطبرانيّ عن سلمان وسهل وابن عباس.

هذا، وروى ابن جرير «٢» من طريق العوفيّ عن ابن عباس في الآية قال: ليس، ذلك بيوم معلوم عند الناس. ومن طريق أبي جعفر الرازيّ عن الربيع بن أنس قال:

نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى حجة الوداع.

وروى ابن مردويه من طريق أبي هارون العبديّ عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ.

حين قال لعليّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه

. ثم رواه عن أبي هريرة وفيه: إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة- يعني مرجعه صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع.

قال ابن كثير: ولا يصح لا هذا ولا هذا. بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية، أنها نزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة، كما قدمنا عن عمر وعليّ ومعاوية وابن عباس وسمرة رضي الله عنهم، وعن ثلّة من التابعين، الثانية: استدلّ نفاة القياس بهذه الآية، على أنّ القياس باطل. وذلك لأنّ الآية دلت على أنه تعالى قد نصّ على الحكم في جميع الوقائع، إذ لو بقي بعضها غير مبيّن الحكم لم يكن الدين كاملا، وإذا حصل النص في جميع الوقائع، فالقياس- إن كان على وفق ذلك النص- كان عبثا وإن كان على خلافه كان باطلا.

وأجاب عنه مثبتو القياس بما بسطه الرازيّ. فانظره.

الثالثة: قال صاحب (فتح البيان) : لا معنى للإكمال في الآية إلا وفاء النصوص بما يحتاج إليه الشرع. إمّا بالنص على كل فرد فرد، أو باندراج ما يحتاج إليه تحت العمومات الشاملة. ومما يؤيد ذلك قوله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ


(١)
أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث ٢٣٢ ونصه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا. فطوبى للغرباء»
. (٢) الأثر رقم ١١١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>