للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأنعام: ٣٨] . وقوله: وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام: ٥٩] .

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «١» : «تركتكم على الواضحة، ليلها كنهارها»

. وجاءت نصوص الكتاب العزيز بإكمال الدين. وبما يفيد هذا المعنى، ويصحح دلالته، ويؤيد برهانه، ويكفي في دفع الرأي، وأنه ليس من الدين- قول الله تعالى هذا. فإنه إذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض إليه نبيّه صلى الله عليه وسلم، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه لأنه إن كان من الدين- في اعتقادهم- فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم، وهذا فيه ردّ للقرآن. وإن لم يكن من الدين، فأيّ فائدة في الاشتغال بما ليس منه؟ وما ليس منه فهو ردّ بنص السنة المطهرة. كما ثبت في (الصحيح) - وهذه حجة قاهرة ودليل باهر لا يمكن أهل الرأي أن يدفعوه بدافع أبدا. فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصكّ به وجوه أهل الرأي، وترغم به آنافهم، وتدحض به حجتهم. فقد أخبرنا الله في محكم كتابه أنه أكمل دينه. ولم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن أخبرنا بهذا الخبر عن الله عز وجل. فمن جاء بشيء من عند نفسه وزعم أنه من ديننا قلنا له: إنّ الله أصدق منك: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: ١٢٢] . اذهب لا حاجة لنا في رأيك. وليت المقلدة فهموا هذه الآية حقّ الفهم حتى يستريحوا ويريحوا. وقد أخبرنا الله في محكم كتابه أنّ القرآن أحاط بكل شيء فقال: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: ٣٨] . وقال: تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً [النحل: ٨٩] . ثم أمر عباده بالحكم بكتابه فقال: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ [المائدة: ٤٩] . وقال: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ [النساء: ١٠٥] . وقال: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ [الأنعام: ٥٧] . وقال: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [المائدة: ٤٤] . وفي آية ... هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة: ٤٥] . وفي أخرى.. هُمُ الْفاسِقُونَ [المائدة: ٤٧] . وأمر عباده أيضا في محكم كتابه باتباع ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:

٧] . وهذه أعمّ آية في القرآن، وأبينها في الأخذ بالسنة المطهرة، وقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء: ٥٩] . وقد تكرر هذا في مواضع من الكتاب العزيز.


(١)
أخرجه ابن ماجة في المقدمة، ١- باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث ٥ ونصه: عن أبي الدرداء قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه. فقال «الفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده! لتصبّنّ عليكم الدنيا صبّا، حتى لا يزيغ قلب أحدكم إلّاهيه. وأيم الله! لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها سواء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>