للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول، كانت تسافح وتشترط له أن تنفق عليه. فقرأ عليه صلى الله عليه وسلم: وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ.

وأخرج أبو داود «١» والنسائيّ والترمذي وحسّنه، من حديث ابن عمر: أن مرثد بن أبي مرثد الغنويّ كان يحمل الأسارى بمكة. وكان بمكة بغيّ يقال لها عناق. وكانت صديقته. قال:

فجئت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! أنكح عناقا؟ قال، فسكت عني. فنزلت الآية: وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ [النور: ٣] . فدعاني فقرأها عليّ وقال: لا تنكحها.

وأخرج أحمد وأبو داود «٢» بإسناد رجاله ثقات، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله»

. قال ابن القيّم:

أخذ بهذه الفتاوى- التي لا معارض لها- الإمام أحمد ومن وافقه- وهي من محاسن مذهبه- فإنه لم يجوّز أن ينكح الرجل زوجا تحبه. ويعضد مذهبه بضعة وعشرون دليلا قد ذكرناها في موضع آخر.

وأخرج ابن ماجة «٣» والترمذيّ وصحة، من حديث عمرو بن الأحوص، أنه شهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم. فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال:

«استوصوا في النساء خيرا. فإنما هنّ عندكم عوان. ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك. إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة. فإن فعلن، فاهجروهنّ في المضاجع، واضربوهنّ ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا» .

وأخرج أبو داود «٤» والنسائيّ، من حديث ابن عباس قال: «جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا تمنع يد لامس، قال: غرّبها، قال: أخاف أن تتبعها نفسي. قال: فاستمتع بها»

. قال المنذريّ: ورجال إسناده محتج بهم في الصحيحين.

قال ابن القيّم: عورض بهذا الحديث المتشابه، الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تجويز البغايا. واختلفت مسالك المحرّمين لذلك فيه، فقالت طائفة:


(١) أخرجه أبو داود في: النكاح، ٤- باب في قوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً حديث ٢٠٥١.
(٢) أخرجه أبو داود في: النكاح، ٤- باب في قوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً، حديث ٢٠٥٢.
(٣) أخرجه ابن ماجة في: النكاح، ٣- باب حق المرأة على الزوج، حديث ١٨٥١.
والترمذي في: الرضاع، ١١- باب ما جاء في حق المرأة على زوجها.
(٤) أخرجه أبو داود في: النكاح، ٣- باب في تزويج الأبكار، حديث ٢٠٤٩.
وأخرجه النسائي في: الطلاق، ٣٤- باب ما جاء في الخلع.

<<  <  ج: ص:  >  >>