يجيزون (إطعام زيد حسن للمساكين) ولا (ضربك شديد زيدا) فكيف جاز (وطعامكم حلّ لهم) ؟ انتهى.
قال الناصر في (الانتصاف) : وقد يستدل بهذه الآية من يرى الكفار مخاطبين بفروع الشريعة. لأن التحليل حكم وقد علقه بهم في قوله وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ كما علق الحكم بالمؤمنين. وهذه الآية أبين في الاستدلال بها من قوله: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة: ١٠] ، فإنّ لقائل أن يقول: في تلك الآية نفي الحكم ليس بحكم. ولا يستطيع ذلك في آية (المائدة) هذه. لأن الحكم فيها مثبت، والله أعلم.
ثم قال: ولما استشعر الزمخشري دلالتها على ذلك، وهو من القائلين بأن الكفار يستحيل خطابهم بفروع الشريعة- أسلف تأويلها بصرف الخطاب إلى المؤمنين، أي: لا جناح عليكم- أيها المسلمون! - أن تطعموا أهل الكتاب. انتهى.
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ عطف على (الطيبات) أو مبتدأ حذف خبره لدلالة ما قبله عليه. أي: حلّ لكم. والمراد ب (المحصنات) العفيفات عن الزنى.
كما قال تعالى في الآية الأخرى: مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ [النساء: ٢٥] . وهو المرويّ عن الحسن والشعبي وسفيان وإبراهيم ومجاهد. وحكى ابن جرير رواية أخرى عن مجاهد أنه قال: المحصنات الحرائر. فقيل: عني بهن غير الإماء. وقيل: أراد بهن العفيفات، كقول الجمهور. وذلك لأن الحرّ يطلق على خلاف العبد، وعلى خيار كل شيء، كما في (القاموس) .
قال الزمخشريّ: وتخصيصهن بعث على تخير المؤمنين لنطفهم. والإماء من المسلمات يصح نكاحهن بالاتفاق. وكذلك نكاح غير العفائف منهن. انتهى.
أقول: جواز نكاح الأمة موقوف على خوف العنت وعدم طول الحرة، لآية:
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا.. [النساء: ٢٥] إلخ. وأما نكاح غير العفيفة فأجازه الأكثرون. وذهب الإمام أحمد إلى تحريم نكاح الزانية على زان وغيره، حتى تتوب وتنقضي عدتها. لقوله تعالى: وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور: ٣] . ولما
أخرجه أحمد «١» بإسناد رجاله ثقات، والطبرانيّ في (الكبير) و (الأوسط) من حديث عبد الله بن عمرو: أن رجلا من المسلمين