للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة. فالمتكلم مخير بين حمل الإعراب على اللفظ تارة، وبين حمله على الموضع أخرى. قال: وهذا ظاهر في العربية مشهور عند أهلها، وفي القرآن والشعر له نظائر كثيرة. ثم قال: على أنّا لو سلمنا أن العطف على اللفظ أقوى، لكان عطف الأرجل على موضع الرؤوس أولى، مع القراءة بالنصب، لأن نصب الأرجل لا يكون إلّا على أحد وجهين: إما بأن يعطف على الأيدي والوجوه في الغسل، أو يعطف على موضع الرؤوس فينصب، ويكون حكمها المسح. وعطفها على موضع الرؤوس أولى.

وذلك أن الكلام إذا حصل فيه عاملان، أحدهما قريب والآخر بعيد، فإعمال الأقرب أولى من إعمال الأبعد. وقد نص أهل العربية على هذا في باب التنازع. انتهى. فتأمّل جدلهم.

قال الحافظ ابن كثير: وقد روي عن طائفة من السلف القول بالمسح: فروى ابن جرير «١» عن حميد قال: قال موسى بن أنس ونحن عنده: يا أبا حمزة! إن الحجاج خطبنا بالأهواز، ونحن معه. فذكر الطهور فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم. وإنه ليس شيء من ابن آدم أقرب من خبثه من قدميه.

فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما. فقال أنس: صدق الله وكذب الحجاج. قال الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ.

قال: وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما.

قال ابن كثير: إسناده صحيح إليه.

وروى ابن جرير «٢» أيضا عن عاصم عن أنس قال: نزل القرآن بالمسح، والسنة بالغسل. وإسناده صحيح أيضا.

وأسند «٣» أيضا عن عكرمة عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.

وكذا روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ، قال: هو المسح. ثم قال: وروى ابن عمر وعلقمة وأبي جعفر محمد بن عليّ والحسن (في إحدى الروايات) وجابر بن يزيد ومجاهد (في إحدى الروايتين) نحوه.


(١) الأثر رقم ١١٤٧٥.
(٢) الأثر رقم ١١٤٧٦.
(٣) الأثر رقم ١١٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>