للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما كانت في النساء لفرط شهوتهن- قال في آية الزنى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي.

الثانية- قال ابن كثير: روى الثوري بسنده إلى ابن مسعود، أنه كان يقرؤها:

والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما. وهذه قراءة شاذة. وكان الحكم عند جميع العلماء موافقا لها لا بها، بل هو مستفاد من دليل آخر وقد كان القطع معمولا به في الجاهلية فقرر في الإسلام، وزيدت شروط أخر كما سنذكره إن شاء الله تعالى. كما كانت القسامة والدية والقراض وغير ذلك من الأشياء التي ورد الشرع بتقريرها على ما كانت عليه، وزيادات هي من تمام المصالح، ويقال: إن أول من قطع الأيدي في الجاهلية قريش، قطعوا رجلا يقال له (دويك) مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة، كان قد سرق كنز الكعبة، ويقال: سرقه قوم فوضعوه عنده.

الثالثة: ذهب بعض الفقهاء من أهل الظاهر إلى أنه متى سرق السارق شيئا قطعت يده به، سواء كان قليلا أو كثيرا، لعموم هذه الآية: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما. فلم يعتبروا نصابا ولا حرزا. بل أخذوا بمجرد السرقة.

وقد روى ابن جرير «١» وابن أبي حاتم عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما. أخاص أم عام؟ فقال: بل عام.. وهذا يحتمل أن يكون موافقة لابن عباس لما ذهب إليه هؤلاء، ويحتمل ذلك، فالله أعلم.

وتمسكوا بما

ثبت في (الصحيحين) «٢» عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده.

وأما الجمهور فاعتبروا النصاب، وإن كان قد وقع بينهم الخلاف في قدره.

فعند الإمام مالك «٣» : النصاب ثلاثة دراهم مضروبة خالصة. فمتى سرقها أو ما يبلغ ثمنها فما فوقه، وجب القطع. واحتج في ذلك بما

رواه عن نافع عن ابن عمر: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجنّ ثمنه ثلاثة دراهم

. أخرجاه «٤» في (الصحيحين) قال


(١) الأثر رقم ١١٩١٤ في التفسير. [.....]
(٢) أخرجه البخاري في: الحدود، ٧- باب لعن السارق إذا لم يسمّ، حديث ٢٥٠٩.
ومسلم في: الحدود، حديث ٧.
(٣) أخرجه في الموطأ في: الحدود، حديث ٢١.
(٤) أخرجه البخاري في: الحدود، ١٣- باب قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، حديث ٢٥١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>