للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في جيش المؤمنين خافوا أولياءهم اليهود، فلا يعملون شيئا مما يعلمون أنه يلحقهم فيه لوم من جهتهم وأما المؤمنون فكانوا يجاهدون لوجه الله لا يخافون لومة لائم قط. وأن تكون للعطف على أنّ من صفتهم المجاهدة في سبيل الله. وأنهم صلاب في دينهم. إذا شرعوا في أمر من أمور الدين- إنكار منكر أو أمر بمعروف- مضوا فيه كالمسامير المحماة، لا يرعبهم قول قائل ولا اعتراض معترض ولا لومة لائم.

يشق عليه جدهم في إنكارهم وصلابتهم في أمرهم. و (اللومة) المرّة من اللوم. وفيها وفي التنكير مبالغتان. كأنه قيل: لا يخافون شيئا قط من لوم أحد من اللوّام. انتهى.

وفيه وجوب التمسك بالحق وإن لامه لائم. وإنه مع تمسّكه به صيّره محلّة أعلى ممن تمسّك به من غير لوم. لأنه تعالى مدح من هذا حاله. وفيه أيضا، أن خوف الملامة ليس عذرا في ترك أمر شرعي.

روى الإمام أحمد «١» عن أبي ذرّ قال: أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرني بحب المساكين والدنوّ منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مرّا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول (لا حول ولا قوة إلّا بالله) فإنهنّ كنز من تحت العرش.

وروى الإمام أحمد «٢» أيضا عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا، لا يمنعنّ أحدكم رهبة الناس أن يقول بحقّ إذا رآه أو شهده. فإنه لا يقرّب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو أن يذكر بعظيم.

وروى أيضا عنه «٣» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحقرنّ أحدكم نفسه، أن يرى أمرا لله فيه مقال فلا يقول فيه. فيقال له يوم القيامة: ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟ فيقول: مخافة الناس، فيقول: إياي أحقّ أن تخاف.

وروى الشيخان «٤» عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على


(١) أخرجه في المسند ٥/ ١٥٩.
(٢) أخرجه في المسند ٣/ ٥٠.
(٣) أخرجه في المسند ٣/ ٧٣.
(٤)
أخرجه البخاري في: الأحكام، ٤٣- باب كيف يبايع الإمام الناس، حديث ٢٥٤٧، وهذا لفظه.
وأخرجه مسلم في: الإمارة، حديث ٤١ وهذا لفظ مسلم: قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم
.

<<  <  ج: ص:  >  >>