للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الرازي: المقصود أن عناية الله حاصلة لهذه الحيوانات، فلو كان إظهار آية ملجئة مصلحة، لأظهرها، فيكون كالدليل على أنه تعالى قادر على أن ينزل آية.

وقال القاضي: إنه تعالى لما قدم ذكر الكفار، وبيّن أنهم يرجعون إلى الله ويحشرون، بيّن بعده بقوله: وَما مِنْ دَابَّةٍ.. إلخ، أن البعث حاصل في حق البهائم أيضا.

الثاني- زيادة (من) في قوله: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ لتأكيد الاستغراق.

و (في) متعلقة بمحذوف هو وصف ل دَابَّةٍ مفيد لزيادة التعميم. كأنه قيل: وما فرد من أفراد الدواب يستقر في قطر من أقطار الأرض. وكذا زيادة الوصف في قوله:

يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ.

قال في الانتصاف: في وجه زيادة التعميم، أن موقع قوله: فِي الْأَرْضِ ويَطِيرُ بِجَناحَيْهِ موقع الوصف العام- وصفة العام عامة- ضرورة المطابقة، فكأنه مع زيادة الصفة، تضافرت صفتان عامتان.

الثالث- قال الزمخشري: إن قلت: كيف قيل (الأمم) مع إفراد الدابة والطائر؟

قلت: لمّا كان قوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ دالا على معنى الاستغراق، ومغنيا عن أن يقال: وما من دوابّ ولا طير، حمل قوله: إِلَّا أُمَمٌ على المعنى.

الرابع- دلت الآية على أن كل صنف من البهائم أمة، وجاء في الحديث: لولا أن الكلاب أمة من الأمم، لأمرت بقتلها- رواه أبو داود «١» والترمذي عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.

الخامس- ما ذكرناه في معنى مماثلة الأمم لنا، من تدبيره تعالى لأمورها، وتكفله برزقها، وعدم إغفال شيء منها، مما يبيّن شمول القدرة، وسعة العلم- هو الأظهر. موافقة لقوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها ... [هود:

٦] الآية- والقرآن يفسر بعضه بعضا. ونقل الواحديّ عن ابن عباس أن المماثلة هي في معرفته تعالى، وتوحيده وتسبيحه وتحميده. كقوله تعالى:


(١) أخرجه أبو داود في: الأضاحي، ٢٢- باب في اتخاذ الكلاب للصيد وغيره، حديث ٢٨٤٥.
والترمذي في: الصيد، ١٦- باب ما جاء في قتل الكلاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>