للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: وإسناده ضعيف.

وقد علمت الأظهر في تأويل الآية أولا- والله أعلم-.

الرابع- قال ابن جرير: اختلف أهل العلم في هذه الآية: هل نسخ من حكمها شيء أم لا؟ فقال بعضهم: لم ينسخ منها شيء، وهي محكمة فيما عنيت به. وعلى هذا قول مجاهد وعامة أهل العلم.

وروي عن الحسن البصريّ وعكرمة أنه تعالى نسخ من هذه الآية واستثنى قوله:

وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ. وروى ابن أبي حاتم عن مكحول أيضا أنه تعالى نسخها بذلك وأحل طعام أهل الكتاب.

قال ابن جرير: والصواب أنه لا تعارض بين حل طعام أهل الكتاب، وبين تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه.

قال ابن كثير: وهذا الذي قاله صحيح. ومن أطلق من السلف النسخ هاهنا، فإنما أراد التخصيص. انتهى.

وقد قدمنا في المقدمة أنه علم من استقراء كلام الصحابة والتابعين أنهم كانوا يستعملون النسخ بإزاء المعنى اللغويّ، الذي هو إزالة شيء بشيء، لا بإزاء مصطلح الأصوليين. فمعنى النسخ عندهم إزالة بعض الأوصاف من الآية بآية أخرى. إما بانتهاء مدة العمل، أو بصرف الكلام عن المعنى المتبادر إلى غيره، أو بيان كون قيد من القيود اتفاقيا، أو تخصيص عامّ، وغير ذلك مما أسلفنا، فتذكر! الخامس- قال الزجاج: في قوله تعالى: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ.

دليل على أن كل من أحل شيئا مما حرم الله تعالى، أو حرم شيئا مما أحل الله تعالى، فهو مشرك. وإنما سمي مشركا لأنه أثبت حاكما سوى الله تعالى. وهذا هو الشرك. انتهى.

وقال ابن كثير: إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ أي: حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدّمتم عليه غيره، فهذا هو الشرك. كقوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ... [التوبة: ٣١] الآية.

وقد روى الترمذي «١» في


(١)
أخرجه الترمذي في: التفسير، ٩- سورة التوبة، ١٠- حدثنا الحسين بن مرثد الكوفيّ. ونصه:
عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب. فقال «يا عديّ! اطرح عنك هذا الوثن» . وسمعته يقرأ في سورة براءة: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ.
قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا حلوا لهم شيئا استحلوه. وإذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>