للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذبح، إن لم تكن وجدت. أي: فتسميتكم الآن تستبيحون بها كل ما لم تعلموا أذكروا اسم الله عليه أم لا، إذا كان الذابح ممن تصح ذبيحته إذا سمّى. قالوا:

ويستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة، وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين، لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية. انتهى.

وأجاب من حمل الآية على الوجه الأول بأن الأمر في حديث عديّ وأبي ثعلبة محمول على التنزيه، من أجل أنهما كانا يصيدان على مذهب الجاهلية، فعلمهما النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر الصيد والذبح، فرضه ومندوبه، لئلا يوافقا شبهة في ذلك، وليأخذا بأكمل الأمور. وأما الذين سألوا عن تلك الذبائح، فإنهم سألوا عن أمر قد وقع لغيرهم، فعرّفهم بأصل الحل فيه.

وقال ابن التين: يحتمل أن يراد التسمية هنا عند الأكل، وبذلك جزم النووي.

وأما التسمية على ذبح تولاه غيرهم، فلا تكلف عليهم فيه، وإنما يحمل على غير الصحة إذا تبين خلافها.

وقال المهلب: هذا الحديث أصل في أن التسمية ليست فرضا. فلما نابت تسميتهم عن التسمية على الذبح، دل على أنها سنة، لأن السنة لا تنوب عن فرض.

انتهى.

وذهب بعض من اشترط التسمية في الحل إلى جواز أكل ما تركت عليه سهوا لا عمدا. واحتج بما

رواه البيهقيّ عن ابن عباس مرفوعا: المسلم يكفيه اسمه، إن نسي أن يسمي حين يذبح، فليذكر اسم الله وليأكله

. قال الحافظ ابن كثير: ورفعه خطأ. والصواب وقفه على ابن عباس، من قوله. نص عليه البيهقيّ. واحتج أيضا

بالحديث المرويّ من طرق عند ابن ماجة عن ابن عباس «١» وأبي هريرة «٢» وأبي ذر «٣» وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

ورواه الطبراني عن ثوبان مرفوعا بلفظ: رفع عن أمتي الخطأ ... الحديث.

وروى ابن عديّ عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي! فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: اسم الله على كل مسلم.


(١) أخرجه ابن ماجة في: الطلاق، ١٦- باب طلاق المكره والناسي. حديث ٢٠٤٥.
(٢) أخرجه ابن ماجة في: الطلاق، ١٦- باب طلاق المكره والناسي. حديث ٢٠٤٤.
(٣) أخرجه ابن ماجة في: الطلاق، ١٦- باب طلاق المكره والناسي، حديث ٢٠٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>