وامرأة أخرى يقال لها (صدوف بنت المحيّا بن دهر بن المحيّا) سيّد بني عبيد وصاحب أوثانهم في الزمن الأول. وكان الوادي يقال له (وادي المحيّا) وهو المحيّا الأكبر، جدّ المحيّا الأصغر أبي صدوف.
وكانت صدوف من أحسن الناس، وكانت غنية ذات مال من إبل وغنم وبقر.
وكانتا من أشد امرأتين في ثمود عداوة لصالح، وأعظمه به كفرا.
وكانتا تحتالان أن تعقر الناقة مع كفرهما به، لما أضرّت به من مواشيهما.
وكانت صدوف عند ابن خال لها يقال له (صنتم بن هراوة بن سعد بن الغطريف) من بني هلس، فأسلم وحسن إسلامه.
وكانت صدوف قد فوّضت إليه مالها، فأنفقه على من أسلم معه من أصحاب صالح، حتى رقّ المال.
فاطلعت على ذلك من إسلامه صدوف، فعاتبته على ذلك، فأظهر لها دينه، ودعاها إلى الله وإلى الإسلام فأبت عليه وبيّتت له. فأخذت بنيه وبناته منه فغيّبتهم في بني عبيد، بطنها الذي هي منه.
وكان صنتم زوجها من بني هليل، وكان ابن خالها. فقال لها: ردّي عليّ ولدي. فقالت: حتى أنافرك إلى بني صنعان بن عبيد أو إلى بني جندع بن عبيد.
فقال لهم صنتم: بل أنافرك إلى بني مرداس بن عبيد. وذلك أن بني مرداس بن عبيد كانوا قد سارعوا في الإسلام وأبطأ عنه الآخرون.
فقالت لا أنافرك إلا إلى من دعوتك إليه.
فقال بنو مرداس: والله لتعطينّه ولده طائعة أو كارهة.
فلما رأت ذلك أعطته إياهم.
ثم إن صدوف وعنيزة محلتا في عقر الناقة للشقاء الذي نزل. فدعت صدوف رجلا من ثمود يقال له (الحباب) لعقر الناقة، وعرضت عليه نفسها بذلك إن هو فعل فأبى عليها. فدعت ابن عم لها يقال له (مصدع بن مهرج بن المحيا) وجعلت له نفسها على أن يعقر الناقة. وكانت من أحسن الناس، وكانت غنية كثيرة المال، فأجابها إلى ذلك.
ودعت عنيزة بنت غنم (قدار بن سالف بن جندع) رجلا من أهل قرح.