من الاسم على المسمى، إذ قد يشترك اثنان في اسم، ويمتنع اشتراك اثنين في جميع الأوصاف. لكن من أمد غير بعيد، قد شرعوا في تحريف بعض الصفات، ليبعد صدقها على النبيّ عليه الصلاة والسلام. فترى كل نسخة متأخرة تختلف عما قبلها في بعض المواضع، اختلافا لا يخفى على اللبيب أمره، ولا ما قصد به، ولم يفدهم ذلك غير تقوية الشبهة عليهم لانتشار النسخ بالطبع، وتيسر المقابلة بينها. وها نحن نورد شذرة من البشائر لديهم:
فمنها: في الباب السادس عشر من سفر التكوين في حق هاجر هكذا:
١١- وقال لها ملاك الربّ أنت حبلى فتلدين ابنا. وتدعين اسمه إسماعيل لأن الرب قد سمع لمذلتك.
١٢- وإنه يكون إنسانا وحشيا. يده علي كل واحد ويد كل واحد عليه. وأمام جميع إخوته يسكن.
هذه بشارة بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، لا بجده إسماعيل، لأن إسماعيل عليه السلام، لم تكن يده فوق يد الجميع، ولا كانت يد الجميع مبسوطة إليه بالخصوص. بل في التوراة أن إسماعيل وأمه هاجر أخرج من وطنهما مكرهين، ولم يرث إسماعيل مع إسحاق، وكان الملك والنبوة في بني إسحاق، وكان بنو إسماعيل في البراري العطاش، ولم يسمع أن الأمم دانت لهم، حتى بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدانت له الملوك، وخضعت له الأمم، وعلت يده وأيدي بني إسماعيل على كل يد، وصارت يد كلّ بهم فكان ذكر إسماعيل مقصودا به ولده. كما أن في مواضع كثيرة من التوراة، ذكر يعقوب، والمقصود بالذكر ولد يعقوب. فمن ذلك قوله في السفر الخامس:(يا إسرائيل! ألا تخشى الله ربك، وتسلك في سبيله وتعمل له) ؟ فهذا خطاب لبني إسرائيل باسم أبيهم، وكذلك قوله لقوم موسى (اسمع إسرائيل، ثم احفظ، واعمل يحسن إليك ربك، وتكثر وتنعم) ونظائره كثيرة. فظهر أنه قد يذكر اسم الأب، ويراد الابن مجازا، بقرينة الحال، وإلا لزم الخلف في خبره تعالى.
ومنها: في الباب الثالث والثلاثين من سفر التثنية هكذا:
١- وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته.
٢- فقال: جاء الربّ من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمنيه نار شريعة لهم.