للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا غموض بأن مجيء الله جل وعلا من سيناء عبارة عن إنزاله التوراة على موسى بطور سينا- هكذا يفسره أهل الكتاب- والأمر كذلك فيجب أن يكون إشراقه من سعير عبارة عن إنزاله الإنجيل على المسيح، وكان المسيح يسكن أرض الجليل من سعير بقرية تدعى (ناصرة، واسم النصارى مأخوذ منها. واستعلاؤه من جبال فاران عبارة عن إنزاله القرآن على محمد في جبل فاران. وفاران هي مكة، لا يخالفنا في ذلك أهل الكتاب. ففي الباب الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل عليه السلام هكذا:

٢٠- وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرّيّة. وكان ينمو رامي قوس.

٢١- وسكن في برّيّة فاران. وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر.

ولا شك أن إسماعيل كان سكنه في مكة، وفهيا مات، وبها دفن. وهذه البشارة صريحة في نبينا صلّى الله عليه وسلّم، ظاهرة لا تخفى إلا على أكمة لا يعرف القمر. فأي نبيّ ظهر في مكة بعد موسى غير محمد، وأنتشر دينه في مشارق الأرض ومغاربها، كما يقتضيه الاستعلان المذكور في البشارة.

ومنها: في الباب الثامن عشر من سفر التثنية هكذا:

١٧- قال لي الربّ قد أحسنوا في ما تكلموا.

١٨- أقيم لهم نبيّا من وسط إخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكل ما أوصيه به.

١٩- ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه.

هذا البشارة في حق نبينا صلّى الله عليه وسلّم قطعا، لأنه من ذرية إسماعيل، وذريته يسمون إخوة لبني إبراهيم، بدليل ما ذكر في التوراة في حق إسماعيل وأنه قبالة إخوته، ينصب المضارب. وقد جرت عادة الكتب المنزلة بتسمية أبناء الأعمام، عن بعد بعيد، إخوة كما دعى في القرآن هود وصالح، إخوة لعاد وثمود مع أنهما على بعد بعيد من أولاد الأعمام. وكما قيل في سفر العدد في الباب العشرين:

١٤- وأرسل موسى رسلا من قادش إلى ملك أدوم. وهكذا يقول أخوك إسرائيل قد عرفت كلّ المشقة التي أصابتنا (مع أنهما أبناء أعمام على بعد بعيد) .

وليست هذه الشهادة في حق أحد من أنبياء بني إسرائيل، وإلّا، لقال: وسوف

<<  <  ج: ص:  >  >>