للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ورد على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصارى نجران، وحاجّهم في شأن عيسى عليه السلام وحجّهم، دعاهم إلى المباهلة بأمره تعالى، فنكصوا على أعقابهم، خوفا من شؤم مغبتها، فكانوا كقوم فرعون آمنوا بها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل: ١٤] .

- السادس- قوله تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ يحتمل أن يكون مستأنفا، وأن يكون مفسّرا مَكْتُوباً أي لما كتب.

السابع: الطيبات أعم من الطيبات في المأكل كالشحوم، وكذا البحائر والسوائب والوصائل والحام. ومن الطيبات في حكم الشريعة كالبيع، وما خلا كسبه عن سحت. وكذا الخبائث ما يستخبث، من نحو الدم والميتة ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به، أو ما خبث في الحكم كالربا والرشوة وغيرهما من المكاسب الخبيثة.

قيل: يستعبد إرادة ما طاب أو خبث في الحكم، لأن معناه حينئذ ما حكم الشرع بحله، أو حكم بحرمته، فيرجع الكلام إلى أنه يحل ما يحكم بحله، ويحرّم ما يحكم بحرمته، ولا فائدة فيه. وردّوه بأن يفيد فائدة وأيّ فائدة! لأن معناه أن الحل والحرمة بحكم الشرع، لا بالعقل والرأى.

الثامن- في قوله تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ إشارة إلى أنه صلّى الله عليه وسلّم جاء بالتيسير والسماحة، كما

ورد الحديث من طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال «١» : بعثت بالحنيفية السمحة.

وقال صلّى الله عليه وسلّم «٢»

لأميريه معاذ وأبي موسى الأشعريّ، لما بعثهما إلى اليمن: بشرا ولا تنفراص، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا.

وقدمنا أن (الإصر والأغلال) استعارة لما كان في شرائعهم من الأشياء الشاقة.

فمنها تحريم طبخ الجدي بلبن أمه. ومنها نظام الأعياد التي يعيدونها لله في السنة وهي عيد الفطير وعيد الحصاد وعيد المظال. وكذلك عيد كل سبت، لا يعمل فيه أدنى عمل. وكذلك سبت المزارع. ففي كل سنة سابعة سبت للأرض، لا يزرع فيها، ولا يقطف الكرم، بل تترك الأراضي عطلا، وغلت الكروم مأكلا لفقراء شعبهم ووحوش البرية. ومنه أن من ضرب أباه أو أمه أو شتمهما أو تمرد عليهما وعصاهما


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ٢٦٦ من حديث طويل رواه أبو أمامة عنه صلّى الله عليه وسلّم. [.....]
(٢) أخرجه البخاري في: الجهاد، ١٦٤- باب ما يكره من التنازع والاختلاف وعقوبة من غصا إمامه، حديث ١١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>