قومه، وما كان يتكلم باليونانيّ، لأنه كان عبرانيّا ابن عبرانية، نشأ في قومه العبرانيين، فنقل أقواله في هذه الأناجيل، نقل بالمعنى. فترجيح من رجح من النصارى، أن أصل فارقلط هو الأول ترجيح بلا مرجح، والتفاوت بين اللفظين يسير جدّا، والحروف اليونانية متشابهة. وأيّا كان أصله، فالاستدلال صحيح، لصدق اللفظ بمعانيه كلها على النبي صلّى الله عليه وسلّم صدقا جليا، لا يخفى إلا على مشاغب.
وقد كانت هذه البشائر سبب إسلام الفاضل عبد الله الترجمان، كما بينه في كتابه (تحفة الأديب في الرد على أهل الصليب) .
وقد نبذ النصارى بعد الأناجيل المصرحة باسم (محمد) لكونها شجى في حلوق أهوائهم، كإنجيل (برنابا) ففيه التصريح بقوله (إلى أن يجئ محمد رسول الله) كما نقله في (إظهار الحق) .
وإذا كان حالهم في تراجمهم، في لقب إلههم، ولقب خليفته ما علم- فكيف يرجى منهم صحة بقاء (محمد أو أحمد) ؟! إلا أن سيف الحق أمضى، وسهام الصوب أنفذ، فثمة من الأوصاف الصريحة، والأشائر الصحيحة، ما لا يبق معه وقفه لحائر.
هذا، وفي كتبهم بشائر كثيرة، تعرض لذكرها جلة من العلماء، مما أناف على العشرين.
قال الماوردي: لعل ما لم يصل إلينا منها أكثر. وقد اقتصرنا على ما قدمنا، روما للاختصار، ولسهولة الوقوف على البقية، من مثل (أعلام النبوّة للماوردي) و (إظهار الحق) وغيرهما.
وقد قال صاحب (إظهار الحق) الشيخ رحمه الله، عليه رحمة الله: إن من أسلم من علماء اليهود والنصارى في القرن الأول، شهد بوجود البشارات المحمدية في كتب العهدين، مثل عبد الله بن سلام، وأبني سعية، وبنيامين، ومخيريق، وكعب الأحبار، وغيرهم من علماء اليهود. ومثل بحيرا ونسطورا الحبشي، وضغاطر، وهو الأسقف الروميّ الذي أسلم على يد دحية الكلبيّ وقت الرسالة فقتلوه. والجارود.
والنجاشي، والسوس، والرهبان الذين جاءوا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وغيرهم من علماء النصارى. وقد اعترف بصحة نبوته، وعموم رسالته، هرقل قيصر الروم، ومقوقس صاحب مصر، وابن صوريا، وحييّ بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب وغيرهم، ممن حملهم الحسد على الشقاء ولم يسلموا.