للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تهوّد أبناؤهم بعد النسخ بشريعة عيسى، وأراد آباؤهم إكراههم على الإسلام، فأنزل الله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ [البقرة: ٢٥٦] وفي

قوله لمعاذ «١» : خذ من كلّ حالم دينارا،

دليل على أنها لا تؤخذ من صبي ولا امرأة.

السابع- قال الإمام أبو يوسف رحمه الله في كتاب (الخراج) :

وليس في شيء من أموالهم، الرجال منهم والنساء، زكاة، إلا ما اختلفوا به في تجارتهم، فإن عليهم نصف العشر، ولا يؤخذ من مال حتى يبلغ مائتي درهم، أو عشرين مثقالا من الذهب، أو قيمة ذلك من العروض للتجارة، ولا يضرب أحد من أهل الذمة في استيدائهم الجزية، ولا يقاموا في الشمس ولا غيرها، ولا يجعل عليهم في أبدانهم شيء من المكاره، ولكن يرفق بهم، ويحبسون حتى يؤدوا ما عليهم ولا يخرجون من الحبس حتى تستوفى منهم الجزية، ولا يحل للوالي أن يدع أحدا من النصارى واليهود والمجوس والصابئين والسامرة، إلا أخذ منهم الجزية، ولا يرخص لأحد منهم في ترك شيء من ذلك، ولا يحل أن يدع واحدا ويأخذ من واحد، ولا يسع ذلك، لأن دماءهم وأموالهم إنما أحرزت بأداء الجزية، والجزية بمنزلة مال الخراج.

ثم قال أبو يوسف مخاطبا هارون الرشيد:

وقد ينبغي يا أمير المؤمنين- أيدك الله- أن تتقدم في الرفق بأهل ذمة نبيك وابن عمك محمد صلّى الله عليه وسلّم، والتفقد لهم حتى لا يظلموا ولا يؤذوا، ولا يكلفوا فوق طاقتهم، ولا يؤخذ شيء من أموالهم إلا بحق يجب عليهم،

فقد روي «٢» عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه

. وكان فيما تكلم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند وفاته «٣»

: أوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا فوق طاقتهم.

قال: وحدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد أنه مرّ على قوم قد


(١) أخرجه أبو داود في: الزكاة، ٥- باب في زكاة السائمة، حديث ١٥٧٦.
(٢) أخرجه أبو داود في: الخراج والفيء والإمارة، ٣٣- باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالنجارات، حديث ٣٠٥٢.
(٣) أخرجه البخاري في: فضائل أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ٨- باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه. حديث ٧٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>