للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخان: البخاري في تاريخه، ومسلم «١» في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره.

انتهى.

وقد اشتهرت محاورة معاوية لأبي ذر في هذه الآية.

روى البخاري «٢»

عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة، فإذا بأبي ذر، فقلت:

ما أنزلك هذا المنزل؟ قال: كنت في الشام، فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية:

وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ... فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب فقلت: نزلت فينا وفيهم. فكان بيني وبينه في ذلك كلام، فكتب إلى عثمان يشكوني، فكتب إليّ عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها، فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال: إن شئت تنحيت، فكنت قريبا.

فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمّر عليّ عبد حبشي لسمعت وأطعت.

ولابن جرير في رواية (بعد قول عثمان له: تنح قريبا) قلت: والله لن أدع ما كنت أقول.

وروى أبو يعلى أن أبا ذر كان يحدث ويقول: لا يبيتنّ عند أحدكم دينار ولا درهم، إلا ما ينفقه في سبيل الله، أو يعدّه لغريم. فكتب معاوية إلى عثمان: إن كان لك بالشام حاجة، فابعث إلى أبي ذرّ فكتب إليه عثمان أن اقدم عليّ، فقدم.

قال ابن كثير: كان من مذهب أبي ذر رضي الله عنه تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال، وكان يفتي بذلك، ويحثهم عليه، ويأمرهم به، ويغلظ في خلافه. فنهاه معاوية فلم ينته. فخشي أن يضر بالناس في هذا، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان، وأن يأخذه إليه، فاستقدمه عثمان إلى المدينة، ثم أنزله بالربذة، وبها مات رضي الله عنه في خلافة عثمان. وقد اختبره معاوية رضي الله عنه وهو عنده، هل يوافق عمله قوله، فبعث إليه بألف دينار، ففرقها من يومه، ثم بعث إليه الذي أتاه بها فقال: إن معاوية إنما بعثني إلى غيرك فأخطأت فهات الذهب. فقال: ويحك! إنها خرجت، ولكن إذا جاء مالي حاسبناك به.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه في: الزكاة حديث رقم ٢٤.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه في: الزكاة، ٤- باب ما أدّي زكاته فليس بكنز، حديث رقم ٧٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>