للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال «١»

الأحنف بن قيس: قدمت المدينة فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش، إذ جاء رجل أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه، فقام عليهم فقال:

بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم، ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه، يتزلزل. قال: فوضع القوم رؤوسهم، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا. قال: وأدبر واتبعته حتى جلس إلى معاوية فقلت: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم، فقال:

إن هؤلاء لا يعلمون شيئا، إنما يجمعون الدنيا- رواه مسلم، وللبخاري نحوه-.

وفي الصحيح «٢» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي ذر: ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا، يمر عليّ ثلاثة أيام، وعندي منه شيء، إلا دينار أرصده لدين.

قال ابن كثير: فهذا- والله أعلم- هو الذي حدا أبا ذر على القول بهذا.

أي وما

أخرجه الشيخان «٣» أيضا عنه، قال: انتهيت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: هم الأخسرون ورب الكعبة! قال: فجئت حتى جلست، فلم أتقارّ حتى قمت فقلت: يا رسول الله! فداك أبي وأمي، من هم؟ قال:

هم الأكثرون أموالا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا، من بين يديه من خلفه، وعن يمينه وعن شماله، وقليل ما هم.

وروى الإمام أحمد «٤»

عن عبد الله بن الصامت رضي الله عنه، أنه كان مع أبي ذر، فخرج عطاؤه ومعه جارية، فجعلت تقضي حوائجه، ففضلت معها سبعة، فأمرها أن تشتري به فلوسا. قال: قلت: لو ادخرته لحاجة بيوتك، وللضيف ينزل بك قال:

إن خليلي عهد إليّ أن أيّما ذهب أو فضة أوكئ عليه، فهو جمر على صاحبه، حتى يفرغه في سبيل الله عزّ وجلّ إفراغا.

قال ابن عبد البر: وردت عن أبي ذر آثار كثيرة، تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت، وسداد العيش، فهو كنز يذم فاعله، وأن آية الوعيد


(١) أخرجه البخاري في: الزكاة، ٤- باب ما أدّي زكاته فليس بكنز، حديث رقم ٧٥٠.
وأخرجه مسلم في: الزكاة، حديث ٣٤.
(٢) أخرجه البخاري في: الاستقراض وأداء الديون، ٣- باب أداء الديون، حديث رقم ٦٦٠. [.....]
(٣) أخرجه البخاري في: الأيمان والنذور، ٣- باب كيف كانت يمين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حديث ٧٧٥.
وأخرجه مسلم في: الزكاة، حديث ٣٠.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٥/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>