للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزلت في ذلك، وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم، وحملوا الوعيد على مانعي الزكاة، وأصح ما تمسكوا به حديث طلحة وغيره في قصة الأعرابي «١»

حيث قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوّع. انتهى.

وبالجملة فالجمهور على أن الكنز المذموم ما لم تؤدّ زكاته. وقد ترجم لذلك البخاري «٢»

في (صحيحه) فقال (باب ما أدّي زكاته فليس بكنز) . ويشهد له

حديث أبي هريرة «٣» مرفوعا: إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك- حسنه الترمذي وصححه الحاكم-.

وعن ابن عمر: كلّ ما أديت زكاته، وإن كان تحت سبع أرضين، فليس بكنز وكلّ ما لا تؤدي زكاته فهو كنز، وإن كان ظاهرا على وجه الأرض- أورده البيهقي مرفوعا، ثم قال: المشهور وقفه، كحديث جابر: إذا أديت زكاة مالك، فقد أذهبت عنك شره. أخرجه الحاكم، والمرجح وقفه.

هذا وذهب ابن عمر رضي الله عنهما ومن وافقه إلى أن الزكاة نسخت وعيد الكنز.

روى البخاري في (صحيحه) «٤»

أن أعرابيا قال لابن عمر: أخبرني عن قول الله تعالى وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ... الآية- قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها، فويل له. إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال: زاد ابن ماجة «٥» : ثم قال ابن عمر: ما كنت أبالي لو كان لي مثل أحد ذهبا، أعلم عدده، أزكيه وأعمل فيه بطاعة الله تعالى. ورواه أبو داود في كتاب (الناسخ والمنسوخ) . فهذا يشعر بأن الوعيد على الاكتناز. وهو حبس ما فضل عن الحاجة عن المواساة به- كان في أول الإسلام، ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة، لما فتح الله الفتوح، وقدّرت نصب الزكاة. ويشعر أيضا بأن فرض الزكاة كان في السنة التاسعة من الهجرة، وجزم به ابن الأثير في (تاريخه) : وقواه بعضهم بما وقع في قصة ثعلبة بن حاطب المطولة، ففيها لما أنزلت آية الصدقة بعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عاملا فقال: ما هذه إلا


(١) يشير إلى حديث البخاري الذي رواه عن طلحة بن عبيد الله في: الإيمان، ٣٤- باب الزكاة من الإسلام، حديث ٤٢.
(٢) أخرجه في: الزكاة، ٤- باب ما أدي زكاته فليس بكنز.
(٣) أخرجه الترمذي في: الزكاة، ٢- باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك.
(٤) أخرجه البخاري في: الزكاة، ٤- باب ما أدي زكاته فليس بكنز، حديث ٧٤٧.
(٥) أخرجه ابن ماجة في: الزكاة، ٣- باب ما أدي زكاته فليس بكنز، حديث ١٧٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>