والتمويهات الزائفة قد تقوى وتعظم. إلا أنها في الآخرة تبطل وتضمحلّ وتزول.
ويبقى الحق ظاهرا لا يشوبه شيء من الشبهات. لأنه لا بقاء إلا للنافع وما تصارع الحق والباطل، إلا وفاز الحق بقرنه..!
الثاني- قوله تعالى: بِقَدَرِها صفة (أودية) ، أو متعلق ب (سالت) أو (أنزل) . وقرأ عامة القراء بفتح الدال، وقرأ زيد بن عليّ والأشهب وأبو عمرو، في رواية، بسكونها.
الثالث- قوله تعالى: فَاحْتَمَلَ بمعنى حمل، فالمزيد بمعنى المجرد- كذا قيل. ويظهر لي: أن إيثاره عليه لزيادة في معناه، وقوة في مبناه!.
الرابع- الأودية جمع واد. وهو مفرج بين جبال أو تلال أو آكام. والإسناد إليه مجاز عقلي، كما في (جرى النهر) .
قال السمين: وإنما نكّر الأودية وعرّف السيل، لأن المطر ينزل في البقاع على المناوبة فيسيل في بعض أودية الأرض دون بعض. وتعريف السيل لأنه قد فهم من الفعل قبله وهو (فسالت) وهو لو ذكر لكان نكرة. فلما أعيد أعيد بلفظ التعريف نحو: رأيت رجلا فأكرمت الرجل. انتهى.
وأصله لأبي حيان حيث قال: عرّف السيل لأنه عنى به ما فهم من الفعل.
والذي يتضمنه الفعل من المصدر وإن كان نكرة، إلّا أنه إذا عاد في الظاهر كان معرفة. كما كان لو صرح به نكرة. وكذا يضمر إذا عاد على ما دل عليه الفعل من المصدر نحو: من كذب كان شرّا له، أي الكذب. ولو جاء هنا مضمرا لكان جائزا عائدا على المصدر المفهوم من (فسالت) وأورد عليه: أنه كيف يجوز أن يعني به ما فهم من الفعل وهو حدث، والمذكور المعرّف عين، فإن المراد به الماء السائل؟
وأجيب: بأنه بطريق الاستخدام! قال الشهاب: وهو غير صحيح، لا تكلف- كما قيل- لأن الاستخدام أن يذكر لفظ بمعنى ويعاد عليه ضمير بمعنى آخر. سواء كان حقيقيا أو مجازيا وهذا ليس كذلك. لأن الأول مصدر، أي حدث في ضمن الفعل، وهذا اسم عين ظاهر يتصف بذلك الحدث، فكيف يتصور فيه الاستخدام؟ نعم! ما ذكروه أغلبيّ لا مختص بما ذكر، فإن مثل الضمير اسم الإشارة، وكذا اسم الظاهر كما في قول بعضهم: