عباده ويشملهم مع آثار رحمته وألطافه ونعمه الدينية والدنيوية. وللأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع. انتهى.
وناقش الرازي في حمله على الصنم بأن الوصف بالرجل وبالبكم وبالكل وبالتوجه في جهات المنافع، يمنع من حملها على الوثن. وكذا الوصف في الثاني بأنه على صراط مستقيم، يمنع من حمله على الله تعالى. انتهى.
وقد يقال في جوابه بأن الأوصاف الأول، وإن كانت ظاهرة في الإنسان (والأصل في الإطلاق ما يتبادر وهو الحقيقة) إلا أن المقام صرفها إلى الوثن: لأن الآيات في بيان حقارة ما يعبد من دونه تعالى، وكونه لا يصلح للألوهية بوجه ما، لما فيه من صفات النقص. وأما الوصف في قوله عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فكقوله تعالى: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود: ٥٦] ، فصح الحمل.
ثم رأيت للإمام ابن القيّم في (أعلام الموقعين) ما يؤيد ما اعتمدناه حيث قال، في بحث أمثال القرآن، في هذين المثلين ما صورته:
فالمثل الأول: يعني قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً الآية، ضربه الله سبحانه لنفسه وللأوثان. فالله سبحانه هو المالك لكل شيء. ينفق كيف يشاء على عبيده سرا وجهرا وليلا ونهارا. يمينه ملأى لا يغيضها نفقة. سحّاء الليل والنهار. والأوثان مملوكة عاجزة لا تقدر على شيء، فكيف يجعلونها شركاء إليّ ويعبدونها من دوني، مع هذا التفاوت العظيم والفرق المبين؟ هذا قول مجاهد وغيره.
وقال ابن عباس: هو مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ومثل المؤمن في الخير الذي عنده ثم رزقه منه حسنا فهو ينفق منه على نفسه وعلى غيره سرا وجهرا.
والكافر بمنزلة عبد مملوك عاجز لا يقدر على شيء. لأنه لا خير عنده. فهل يستوي الرجلان عند أحد من العقلاء؟ والقول الأول أشبه بالمراد. فإنه أظهر في بطلان الشرك، وأوضح عند المخاطب، وأعظم في إقامة الحجة وأقرب نسبا بقوله:
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ، فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل: ٧٣- ٧٤] ، ثم قال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ومن لوازم هذا المثل وأحكامه أن يكون المؤمن الموحد ممن رزقه منه رزقا حسنا. والكافر المشرك كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء. فهذا مما ينبه عليه المثل وأرشد إليه