للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهيكل سليمان لأنه الذي بناه وشيده والْأَقْصَى بمعنى الأبعد. سمي بذلك لبعده عن مكة، وقوله تعالى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ أي جوانبه ببركات الدين والدنيا. لأن تلك الأرض المقدسة مقر الأنبياء ومهبط وحيهم ومنمى الزروع والثمار. فاكتنفته البركة الإلهية من نواحيه كلها. فبركته إذن مضاعفة، لكونه في أرض مباركة، ولكونه من أعظم مساجد الله تعالى. والمساجد بيوت الله. ولكونه متعبد الأنبياء ومقامهم ومهبط وحيه عليهم، فبورك فيه ببركتهم ويمنهم أيضا.

وقيل في خصائص (الأقصا) : إنه متعبد الأنبياء السابقين، ومسرى خاتم النبيين، ومعراجه إلى السماوات العلى والمشهد الأسمى. بيت نوّه الله به في الآيات المفصلة، وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة. لأجله أمسك الله الشمس على يوشع أن تغرب ليتيسر فتحه على من وعدوا به ويقرب. وهو قبلة الصلاة في الملتين، وفي صدر الإسلام بعد الهجرتين. وهو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين.

لا تشدّ الرحال «١» بعد المسجدين إلا إليه، ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه.

انتهى. ومن فضائله ما

رواه الإمام أحمد «٢» والنسائي والحاكم صححه، عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه ثلاثا. فأعطاه اثنتين وأنا أرجو أن يكون أعطاه الثالثة.

سأله حكما يصادف حكمه فأعطاه إياه.

وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه.

وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد- يعني ببيت المقدس- خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ونحن نرجو أن يكون الله أعطاه ذلك.

وروي أن ابن عمر كان إذا دخله لا يشرب من مائه. تجريدا لقصد الصلاة.

وقال الشيرازيّ في (عرائس البيان) كان بداية المعراج الذهاب إلى الأقصى.

لأن هناك الآيات الكبرى من أنوار تجليه تعالى لأرواح الأنبياء وأشباحهم. وهناك


(١) أخرجه البخاريّ في: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، ٦- باب مسجد بيت المقدس، حديث ٣٧٩، عن أبي سعيد الخدري.
وأخرجه مسلم في: الحج، حديث رقم ٤١٥.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢/ ١٧٦ والحديث ٦٦٤٤.
وأخرجه النسائي في: المساجد، ٦- باب فضل المسجد الأقصى والصلاة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>